-٤٦ - الحرص والحد والزهو تتبع هذه العناصر العاطفية فى الأوقات العادية مقتضيات الاجتماع فيكون الحرص محدوداً بحكم الضرورة في مجتمع قائم على نظام المراتب . فاذا صار فيه جندى قـ قائداً فذلك لا يقع الا بعد ا انقضاء. زمن طويل ، وأما في أيام الثورات ، فلما جاز لكل امرى. أن يصعد الى أعلى المراتب فان خلق الحرص يهيج عند الناس فيظن أحقرهم أنه أهل لها فيبلغ الزهو فيه غايته والحسد شأن عظيم في الأدوار الثورية ، فكان حسد الناس للاشراف سبياً من أسباب الثورة الفرنسية، ولما زادت الطبقة الوسطى فيها مالا وسطوة وكثر اختلاطها بالأشراف شعرت على رغم ذلك يبعدها منهم فأحست في نفسها ألماً شديداً ، وهذه الحالة الروحية جعلتها تميل غير شاعرة الى المذاهب الفلسفية القائلة بالمساواة . اذن كانت عزة النفس المجروحة والحسد سيبين لما لم ندرك مغزاه اليوم من الأحقاد. فكان كثير من رجال العهد مثل كاريه ومارا وغيرهما يتذكرون، والغضب أخذ منهم مأخذه، أنهم تقلدوا وظائف ثانوية لدى الأمراء الاقطاعيين، وما استطاعت مدام رولان أن تنسى أنها عندما دعيت فى الدور السابق مع والدتها للعشاء عند سيدة كبيرة تناولناه مع خدم المائدة . قال الفيلسوف ريفارول : « لم تكن الضرائب وأوامر الملك, السيء وجور الولاة وتقاعس القضاة أموراً أثارت وحدها ساكن الأمة بل أن الأمة أظهرت من الحقد على طبقة الأشراف مالم تظهره على شيء آخر .. و تصرف السلطة قال نابليون : . أن الزهو كان سبباً للثورة الفرنسية ، ولم يكن السعى الى الحرية سوى حجة باطلة . . ٦- الحماسة حماسة مؤسسى الثورة الفرنسية تعدل حماسة ناشرى دين محمد ( صلعم ) ، فقد كانت تلك الثورة ديانة اعتقد رجال الطبقة الوسطى في المجلس الاشتراعي الأول أنهم أوها وقضوا بها على المجتمع القديم وأقاموا بها على أنقاضه حضارة أخرى . وما وجد خيال فاتن شغل قلب الانسان أكثر من ذلك الخيال ، فكان أولئك الرجال يقولون ان مبدأ
صفحة:روح الثورات والثورة الفرنسية (1934) - غوستاف لوبون.pdf/48
المظهر