انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح الثورات والثورة الفرنسية (1934) - غوستاف لوبون.pdf/47

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وترى أن من عناصر الروح اللاتينية الميل الى الانقسام وما ينشأ عنه من الأحقاد . فيه أضاع أجدادنا الغولويون استقلالهم، وقد انتبه الى ذلك يوليوس قيصر فقال : . ليس في بلاد الغول مدينة غير منقسمة الى حزبين كما أنه ليس فيها كورة أو قرية أو دار خالية التحزب ، وقلما تمضى سنة من غير أن تهاجم مدينة جاراتها بالسلاح .. من روح ! و بما أن الأنسان لم يدخل في دور المعرفة الا منذ زمن قليل وكان مسيراً بالمشاعر والمعتقدات تجلى لنا شأن الحقد في التاريخ. ولقد أشار أحد أساتذة المدرسة الحربية القائد كولان الى أهمية عاطفة الحقد في بعض الحروب حيث قال : . لا داعى الى الشجاعة في الحرب اكثر مما إلى الحقد، فهو الذي نصر بلوخر على نابليون ، واذا بحثنا عن احسن الحركات العسكرية واحزمها وأيناها قد و ا قد صدرت عن البغض والنفور اكثر مما عن العدد، وماذا كانت نتيجة حرب سنة ١٨٧٠ لولا الحقد الذى كان يحمله الألمان في صدورهم ضدنا ؟ . . ويمكن هذا المؤلف أن يقول أيضاً إن حقد اليابان الشديد على الروس الذين كانوا يز درونهم هو احد الأسباب التى نصرت أولئك على هؤلاء، وأما الروس فلما كانوا لا يعلمون غير شيء يسير عن اليابان لم يحملوا شيئاً من الضغينة نحوهم فزاد ذلك ضعفهم نعم لاكت الأفواه كلمة الاخاء أيام الثورة الفرنسية ، ولا يزال الناس يرددونها ، وصارت كلمة السلم والأنسانية والتضامن قواعد للاحزاب، ولكن شدة الأحقاد المستترة تحت هذه الكلمات والأخطار المحدقة بالمجتمع الحاضر ليست بالشيء الخفى . -- الخوف الخوف في أيام الثورات شأن عظيم يقرب من شأن الحقد ، فرجال العهد الذين كانوا كثيري الشجاعة أمام المقصلة كانوا شديدى الجبن أمام وعيد مثيرى الفتن الذين كانوا متسلطين على مجلس النواب . وسنرى ذلك عندما نلخص تاريخ مجالسنا الثورية . حقاً شوهد الخوف بمظاهره كلها في ذلك الزمن ، وكان الظهور بمظهر العاقل المعتدل أخوف ما يخافه الناس ، فقد سابق أعضاء المجالس وموظفو الاتهام وقضاة المحاكم خصومهم في التطرف أى فى اقتراف الجرائم ولو أن معجزة أزالت الخوف من المجالس الثورية لكان لها سير آخر وكان للثورة الفرنسية وجهة أخرى