انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح الثورات والثورة الفرنسية (1934) - غوستاف لوبون.pdf/39

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

استولت عليهما الولايات المتحدة بعد الحكم الأسباني ، فالكل يعلم درجة ما وصلت اليه كوبا أيام الحكم الأسبانى من الفوضى وما صلت اليسه من العمران في بضع سنين أيام حكم الولايات المتحدة والكل يعلم أن الفلبين كانت أيام سلطان الأسبان الذي استمر قروناً كثيرة مستنقعاً واسعاً تعيش فيه أمة بائسة عاطلة من التجارة والصناعة ، وبعد استيلاء الاميركيين عليه أصبح خالياً من العفن والحمى والطاعون موصول الأجزاء بالسكك الحديدية مكتظاً بالمصانع والمدارس متمتعاً بأسباب الصحة والوقاية . فا إلى مثل هذه الأمثلة يجب رد رجال النظر الذين لم يدركوا ما في كلمة العنصر من المعانى ولم يفقهوا أن روح الأمة الموروثة هي التي تسيطر على مصيرها . كيف تتلقى الامة الثورة شأن الشعوب واحد فى الثورات كلها ، فهى لا تدرك مغزاها ولا تدبر أمرها ، وإنما الزعماء هم الذين يحركونها . ولا يخلع الطاعة فريق من الشعب بغريزته إلا إذا مس الضر منافعه الظاهرة ، وذلك كما وقع فى شامبانية حديثاً ، وتدعى هذه الحركة المحلية بالعصيان البسيط. ويسهل وقوع الثورة إذا كان زعماؤها من ذوى النفوذ العظيم ، وأما مبادى، الثورة فلا تدخل في قلب الشعب إلا بالتدريج ، فالشعب يقوم بالثورة من غير أن يعلم سبها ، ومتى ساقه الحظ إلى إدراك هذا السبب فان الثورة تكون قد انتهت منذ زمن طويل . ويقوم الشعب بالثورة مجيباً دعوة زعمائه، وهو مع عدم إدراكه شيئاً يستحق الذكر من أفكار هؤلاء الزعماء تتوارده هذه الأفكار حسما يمليه عليه خياله. خذ الثورة الفرنسية التي وقعت سنة ١٧٨٩ مثلا تر غايتها أن يقبض على زمام أبناء الطبقة الوسطى بدلا من الأشراف . ولم ينظر إلى مصلحة الشعب فى بدء هذه الثورة إلا قليلا ، والشعب وان أعلنت الأمور سيادته فيها كانت تفسر هذه السيادة بحقه في انتخاب نوابه فقط . ولما كان الشعب جاهلا غير طامح، كابناء الطبقة الوسطى، الى الارتقاء في السلم الاجتماعي وكان شاعراً بعده من درجة الأشراف غير طامع في مساواتهم كانت اغراضه ومنافعه تختلف كثيراً عن أغراض علية القوم ومنافعهم .