صفحة:رحلة الصيف إلى بلاد البوسنة والهرسك.pdf/5

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٥ –

وشقيق الجناب العالي الخديوي؛ لكان يُخشى أن تدب حمية البداوة في أعراقهم وتثور ثائرة نفوسهم، ولا سيما أن العوائد الشرقية حاكمة على الشرقيين بما عساه يخالف العوائد الغربية، من نحو وجوب الرعاية عند اللياذ، والحماية وقت العياذ.

الشروع في السفر إلى بلاد البوسنة والهرسك

لما أن قضيت سياحتي في أوروبا عام ١٩٠٠ وانثنيت من باريس معرِّجًا على «ويانا» عاصمة بلاد النمسا، شرعت هناك في رسم خطة أسير على مقتضاها، فعنَّ لي أولًا أن أجعل مبدأ سيري إلى بلاد البوسنة والهرسك من «ويانا» إلى «بودابست» عاصمة بلاد المجر ثم منها إلى «بنيالوقا» ومنها إلى «ياسي»، فإلى «طراونيق» ومنها إلى «سراجيفو» عاصمة بلدان البوسنة، ثم أستأنف منها السفر إلى «مسطار» عاصمة الهرسك ثم منها إلى «منكوويتش» ومنها عن طريق البحر إلى «قطارو» كيما أشرف على مرائي الطبيعة البيضاء في بلاد الجبل الأسود وعلى الخصوص عاصمتها «ستينيا» لعلي أنفح الروح بنفثة من نورها البليل، وأتنسم جوَّها الصاحي ونسيمها العليل، ولكن مع الأسف لم يسمح لي الدهر من الوقت بأكثر مما يسع زيارتي لبلاد البوسنة وتجوُّلي في أطرافها ووقوفي بطرائفها، وإرسال النظرات إلى مجالي الطبيعة تتغادى بين الأنجاد والأغوار، وتتهادى بين الأغصان والأزهار.

من أجل ذلك أضربت عن السير على هذه الخريطة وتغانيت بالسياحة في بلاد البوسنة؛ إذ كان مبدأ سيري إليها من «ويانا» إلى «بودابست» ومنها إلى «زابتكا» فمنها إلى «بوسنه برود» ومنها إلى «سراجيفو» فإلى «طراونيق» فإلى «ياسي» ومنها إلى «بنيالوقا».

مبارحة فينَّا إلى بلاد البوسنة

في صباح اليوم الثامن من شهر سبتمبر عام ١٩٠٠ عزمنا بحول الله ومعونته على مغادرة فينا قاصدين إلى بلاد البوسنة والهرسك، التي كانت يومئذ محط رحالنا ومرامي آمالنا؛ وإذ ذاك ما كان أجدر فندق «امبريال» الذي أكرم منزلنا وأجمل مثوانا بنظرات وتأملات يصحبها الأسف على مفارقة مناخه الجميلز