صفحة:داعي السماء.pdf/89

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
داعي السماء

سامعه، وهو يردد ذلك الأذان كما يردد اليوم من شاطئ أفريقية العربي إلى تخوم هندستان:

 

الله أكبر …

الله أكبر …

أشهد أن لا إله إلا الله …

أشهد أن محمدًا رسول الله …

حي على الصلاة …

حي على الفلاح …

لا إله إلا الله.

 

فهب من رقاده والنغم العجيب يتردد في أذنيه، وبادر إلى النبي فقص عليه رؤياه، فسمعها منه النبي كما يسمع الرؤيا الصادقة التي تأتي بالهداية من الله، وتذكَّر تلك الهبة الصوتية النادرة التي خص بها مولاه الوفي بلال، فأمره أن ينادي إلى الصلاة بتلك الكلمات التي سمعها المسلم الصالح في منامه، وكان الليل في هزيعه الأخير فوعى المؤذن الأول واجب صناعته الجديدة قبل مطلع الفجر، وما هو إلا أن طلعت بشائر النور الأولى حتى نهض أهل المدينة من نومهم على صوت الحبشي الساحر يردد الأذان من مشرف عالٍ بجوار المسجد. فكان ذلك فاتحة تاريخ المنارة الجميلة التي تتسم بها قبل غيرها ملامح العمارة في المدن الإسلامية، وكان مصعد بلال في تلك الليلة إلى الشرفة المضاءة بنور الكواكب على سقوف المدينة هو أول خطوة على سلم المنارة الباقية قبل ألف ومائتي عام.

 

في خلال تلك القرون جميعًا لم يعرف الإسلام يومًا واحدًا لم ترتفع فيه صيحة الأذان إلى الله.

ولا تزال نغمات الأذان تعلِّم طريق الساعات لسكان مدائن شتى لا عداد لها. وفي المأثورات أنها ستكون علامةً للساعة التي تقوم فيها القيامة ويظهر فيها المهدي المنتظر — مسيح الديانة الإسلامية — فيعلن الأذان بصوت جهوري يدوي في أنحاء العالم بأسره!

وما برحت دعوات الصلاة تستجاب في العالم الإسلامي بدقة يدهش لها السيَّاح ويعجبون.

88