صفحة:داعي السماء.pdf/78

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
الأذان

الطبول حين يختلط بأصوات المؤذنين، فيقلقهم ويشوه عندهم جمال الأذان الخفيف على أسماع النيام.

 

وقد كانت هذه الطبول وشيكة في بداية الأمر أن تقوم مقام الأذان في دعوة المسلمين إلى الصلاة.

إذ لم يكن الأذان كما نسمعه اليوم معروفًا قبل انتشار الإسلام في مكة والمدينة، وإنما كان المسلمون طائفة قليلة يدعون إلى الصلاة الجامعة بالنداء الذي يُسمع من قريب، فلما صرفت القبلةُ إلى الكعبة فكر المسلمون في دعاء إلى الصلاة يسمعه المنتشرون بالمدينة من بعيد.

ومن جملة الروايات التي جاءت في طبقات ابن سعد وغيرها يُفهم أنهم كانوا قبل أن يؤمر بالأذان ينادي منادي النبي عليه السلام: الصلاة جامعة! فيجتمع الناس … فلما صرفت القبلة إلى الكعبة تذكر المسلمون الأمر فذكر بعضهم البوق وذكر بعضهم الناقوس وذكر بعضهم نارًا توقد كنار القرى، ثم تفرقوا على غير رأي، ومنهم عبد الله بن زيد الخزرجي … فلما دخل على أهله فقالوا: ألا نعشيك؟ قال: لا أذوق طعامًا. فإني قد رأيت رسول الله قد أهمه أمر الصلاة، ونام فرأى أن رجلًا مرَّ وعليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس. فسأله: أتبيع الناقوس؟ فقال: ماذا تريد به؟ قال: أريد أن أبتاعه لكي أضرب به للصلاة لجماعة الناس. فأجابه الرجل: بل أحدثك بخير لكم من ذلك. تقول: الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدًا رسول الله. حي على الصلاة حي على الفلاح. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. ونادى الرجل بذلك النداء وهو قائم على سقف المسجد، ثم قعد قعدةً ثم نهض فأقام الصلاة.

فلما استيقظ عبد الله بن زيد من منامه ذهب إلى النبي عليه السلام فقص عليه ما رأى، فقال له: قم مع بلال فألق عليه ما قيل لك، وجاء الفاروق بعد ذلك فقص على النبي منامًا يشبه ذلك المنام.

وجرى الأمر في الدعوة إلى الصلاة منذ ذلك اليوم على الأذان كما نسمعه الآن، وزاد بلال في أذان الصبح «الصلاة خير من النوم» فأقرها النبي عليه السلام، وبقي النداء في الناس بالصلاة الجامعة للأمر يحدث فيحضرون له يخبرون به مثل فتح يقرأ، أو دعوة يدعون إليها، وإن كان في غير وقت الصلاة.

77