صفحة:داعي السماء.pdf/40

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.


الرق في الإسلام


 
 

كان الإيمان بالروح أول خطوة صحيحة في طريق الحرية الإنسانية أو طريق الحكومة الديمقراطية كما نسميها اليوم.

لأن الإيمان بالروح يعلم الإنسان التبعة وأن ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [المدثر: 38]، وهذا هو أساس التكاليف والحقوق.

ولأنه يوحي إلى العقل عقيدة المساواة بين جميع الناس أمام الله وأمام شريعة الله.

ولو جاء الإيمان بالروح سابقًا للرق لامتنع الاعتراف به في الأديان التي تأمر بهذه العقيدة؛ لأن بيع الإنسان بيع السلع الصماء لا يوافق الإيمان بروح يتساوى فيها السادة والعبيد، فضلًا عن الإيمان بتفضيل روح العبد الصالح على روح السيد الذي يعوزه الصلاح.

ولكن الأديان «الروحية» جاءت بعد ظهور الرق في المجتمع الإنساني بآلاف السنين، وكان الرق في تلك الأحقاب الطوال قد امتزج بنظام الثروة ونظام المعاملات، فأصبح اقتلاعه دفعة واحدة من أعسر الأمور، ولم تكن أذواق الناس وأخلاقهم في العصور القديمة قد بلغت من اللطف والتهذب مبلغ الترفع عن تسخير الآدميين كما يسخر الحيوان أو كما تسخر الآلة الصماء. فدارت الأديان «الروحية» حول المشكلة ولم تقابلها وجهًا لوجه في معظم الأحوال، ولم تكن للعبيد أنفسهم أنفة تعزف بهم عن هذه المنزلة التي فرضتها عليهم ضرورات الزمان، ومن كانت لهم الأنفة لم تكن لهم القدرة على التمرد والعصيان وتبديل المصالح والآداب.

ومع هذا لم يكن للمصلحين الدينيين بدٌّ من التوفيق بين عقيدة الروح وإباحة بيع الإنسان وشرائه كما تباع الآلات.