صفحة:داعي السماء.pdf/28

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
مسألة العنصر

الحديثة أو كتب علم الإنسان أوصاف أخرى يعد بعضها من قبيل التصحيح وبعضها من قبيل التكملة، تأتي عليها بإيجاز.

فاللون الأسود في الأجناس السوداء لا يتعمق إلى ما وراء البشرة الظاهرة ثم تتساوى ألوان الجسم الإنساني في جميع الأجناس، وإنما يأتي السواد من صبغة في الغشاء الذي يلي البشرة الظاهرة، ولا يسري على ما وراءه إلا عرضًا في قليل من الأفراد.

وقد نفهم دلالة الضيق والسعة في تركيب الجمجمة إذا فهمنا أن جمجمة الجنس الأبيض بين الأوروبيين ليست أوسع الجماجم الإنسانية ولا أوسع من جماجم غيرها من الأمم التي لا تجاريهم في الحضارة، فإذا حسبنا قطر الدماغ من الأمام إلى الخلف مائة فنسبة العرض إليه في الزنجي سبعون وفي الأوروبي ثمانون وفي الساموي من أبناء الجزر المعروفة غرب المحيط الهادئ خمسة وثمانون.

والزنجي طويل الذراعين تصل ذراعه إلى الركبة في بعض الأحيان. وشعره الصوفي المعروف هو أوضح العلامات المميزة له بين جميع الأجناس.

أما مزاياه الثقافية فيجب أن نتذكر حين نقابل بين تخلفه وتقدم الأجناس الأخرى أنه قد بلغ من الثقافة كل ما يحتاج إليه، وأن العبرة بالمجهود العقلي الذي يتطلبه فهم أمر من الأمور لا بالطبقة الثقافية التي تحسب لذلك الأمر في سلم الثقافة العامة. فالمعادلات الرياضية العليا أرقى في سلم المعرفة من الجمع والطرح في الحساب، ولكن المعادلة الرياضية العليا لا تتطلب من ذهن المهندس المتعلم جهدًا أكبر من جهد الرجل الزنجي حين يفهم أن خمسة في خمسة تساوي خمسة وعشرين. ولا سيما إذا كانت نهاية العدد عنده هي مجموع أصابع اليدين والرجلين؛ أي عشرين.

وقد عرف أن الزنجي في قبائل «الوي» التي تقيم عند «سيراليون» قد اخترع نوعًا من الكتابة يوائم حاجاته ولا يرجع إلى أساليب الكتابة الأخرى التي عرفت في بلدان الحضارة.

أما حظه من الفنون فليس بالحظ القليل إذا نظرنا إلى حاجاته الطبيعية ودواعيه الضرورية إلى المعيشة الاجتماعية. ولعل «هافلوك إيليس» حين قال: «إنه قد سلك سبيله إلى الحضارة راقصًا.» قد لخص ملكاته الفنية أجمل تلخيص.

فالرقص لا يكون بغير نغمات، والمرح المطبوع في الزنجي هو مبعث وحيه الذي ألهمه الرقص والغناء، فهو عظيم الولع بالأغاني سريع الأذن إلى التقاطها حين يسمعها مرة أو مرات قليلة، وينبغي أن نفرق بعض التفرقة بين ملكة الموسيقى وملكة الغناء

27