صفحة:داعي السماء.pdf/17

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
داعي السماء

الخصائص العنصرية إلا كما يتشابه الأقوام الذين يتكلمون اليوم بلغة واحدة على تباين المواطن والألوان.

قال العالم الإنجليزي جوليان هكسلي في كلامه عن العنصر أو الجنس بالقارة الأوروبية: إن دعاة العنصرية يتكلمون عن الجرمان والآريين وأقوام الشمال «أو النورديين» كأنهم سلالة واحدة، وهذا خلط لا مسوغ له من الحقائق. وإنما المقطوع به أن هناك نموذجًا بشريًّا يعرف بالنموذج الشمالي موزعًا بين الأقطار الشمالية في أوروبا من الجزر البريطانية إلى التخوم الروسية، وأن هذا النموذج وهو على أقرب ما يكون إلى النقاوة والصفاء في بعض الأقاليم السكندنافية لم ينسب إليه قط فتح من فتوح الحضارة أو كشف من كشوف العلم أو أداة من أدوات الاختراع التي اشتهرت في التاريخ، وقد روجعت مخلفات العصر الحجري التي ترد إلى ما قبل الميلاد بثلاثة آلاف سنة في بريطانيا العظمى؛ فإذا هي تمثل ثقافة من ثقافات البحر الأبيض المتوسط حملها ذووها إلى شبه الجزيرة الأيبيرية — التي نعرفها باسم الأندلس — ثم إلى فرنسا فالجزر البريطانية.

ومن المحقق أن الخطوات الأولى التي خطاها الإنسان إلى الحضارة حين تعلم الحرث والكتابة وبناء المنازل ونقل الأحمال على الدواب قد تقدم بها في جوار البحر الأبيض، حيث تقيم الأمم السمراء التي لم تنسب إلى السلالة النوردية، ومن المحقق كذلك أن مشاهير الجرمان أمثال جيتي وبتهوفن وكانت كانوا مستديري الرءوس ربعة في القوام، وليس نابليون ولا شكسبير ولا أينشتين ولا غاليليو وعشرات من أمثالهم على الصفة التي يزعمونها للنورديين، ومن طرائف المصادفات أن اللون الأشقر والقوام الطويل الرشيق لا يعرفان لزعيم من زعماء الدعوة النوردية أو الآرية المزعومة. فهتلر أسمر وجورنج سمين بادن وجوبلز قصير دميم، وزعماء «الجنكر» من سكان ألمانيا الشرقية تختلط فيهم ملامح السلافيين والتيوتون، وهم أكبر الدعاة إلى السيادة الجرمانية على الأمم قاطبة.

ويتفق علماء الأجناس ووصف الإنسان على توزيع السلالات في العنصر الواحد، كما يتفقون على ندرة النقاوة المحض في عنصر أو سلالة. فالجنس الأبيض في القارة الأوروبية وما جاورها ينضوي إلى عنوان واحد، ولكنه ينقسم إلا السلالات النوردية والألبية وسلالة البحر الأبيض المتوسط، وهذه السلالة الأخيرة تنضوي إلى عنوان واحد ولكنها تنقسم إلى ليبيين وأيبيريين وليجوريين نسبة إلى جبال الألب ما بين البحر وسافونا السفلى، وقد يضاف إليهم البيلاسجيون Belasgian الذين ينعزلون وحدهم في بحر «إيجه» على مقربة من اليونان.

16