صفحة:حياة عصامى.pdf/51

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

(Missing Scanned pages)


المذكرة التاريخية نص مقال كتبته فى جريدة الاهرام فى١٠ يوليو سنه ١٩٤٨ – ومعذرة اذا كانت لغى المقال بها بعض الاخطاء اللغوية – وها هو المقال :


التقلقل الاقتصادى


يدفعنى للكتابة فى هذا الموضوع الخطير ما اشهده من الخلل فى نظامنا الاقتصادى فى مجموعة واسائل نفسى ما هو المصير فأرى الجواب الحاسم اننا سائرون من سىء الى اسوأ – لهذا يحتم على واجبى الوطنى ان اضع تحت نظر اولى الامر فينا والقادة والزعماء والرأى العام الداء والدواء اراجة لضميرى .. وسأقصر بحثى فى هذا المقال على مسألتين ، الاولى نظام الضرائب والثانية تحديد الاسعار وعدم احكام الرقابة على تنفيذها .. اولا: فنظام الضرائب الحالى هو عله العلل بأنواعها من اقتصادية واجتماعية وسياسية فإذا لم يعدل باسرع وقت سيجر البلاد الى ازمة لا يعلم مداها الا الله .. ولا افهم كيف يمكن معالجة ما يسمونه الاعداء الثلاثة وهذا النظام قائم ، وكيف يكون فى مصر عدالة اجتماعية والمساواة معدومة .. وهناك بعض الامثلة . يتبين فى الاحصاء السنوى لحصيلة الضرائب الجمركية ورسوم الانتاج ان حوالى ٧٥% منها تحصل من رسوم الدخان والشاى والمنسوجات ، وهذه الاصناف تستهلكها الطبقة الفقيرة من السكان فهى اذا تدفع تلك الضرائب الجسيمة بطريق غير مباشر لتغذية ميزانية الدولة التى يتجثم فيها الاسراف والتبذير كما هو ثابت بتقارير ديوان المحاسبة .. كما ان كافة الضرائب المحلية بانواعها واقعة على الطبقة المتوسطة بينما نجد الاغنياء لا يدفعون من الضرائب الا نسبه ضئيله لا مثيل لها الا فى بلاد الاقطاعيات وهذه الحالة من شأنها مساعدة الغنى على زيادة ثروته وارهاق الفقير لتزيد من بؤسه وشقوته وتكون النتيجة اتساع الهوة بين الطبقتين .. نرى فى مصر طبقة الاغنياء سواء كانوا من اصحاب الاراضى او العقارات من يصل دخله السنوى الى مئات الالوف من الجنيهات لكنهم يدفعون ضريبة متواضعة لا تتجاوز ١٢% . ونرى فى مصر شركات الاحتكار وغيرها قد اصبح رصيدها ملايين الجنيهات وياللاسف لا تدفع لخزانة الدولة شيئا يذكر ونرى فى مصر اصحاب المهن كالاطباء والمحامين والمهندسين من يصل دخله السنوى عشرات الالوف من الجنيهات ويدفع من الضرائب ما يوازى ايجار مكتبة او عيادته شهريا اى حوالى عشرة جنيهات ، دراهم معدودة . ونرى فى مصر اصحاب لايراد الواسع من كسب العمل وادارة الشركات من يصله دخله السنوى الى مئات الالوف من الجنيهات وياللاسف لا يدفع لخزينة الدولة شيئا يذكر ... يقولون ان حكومة مصر تكافح الشيوعية .. لكنى اقول العكس تماما . اذ كيف يمكن اجتناب خطر تلك المبادىء الهدامة ونظام الضرائب الحالى قائم لانه يغذى تلك المبادىء اكثر من ايه دعاية خارجية .. ومن ابديهى ان هذه الحالة المخزنه لاتخفى على ولاة الامور فى كل الحكومات المتعاقبة ويعلمون علم اليقين العلاج اليسير والمتبع فى كافة البلاد التى تدين بالعدالة الاجتماعية والديمقراطية – ولكن يظهر ان طبقة الاغنياء تقف حائلا دون هذا العلاج النافع مع الاسف الشديد . لكنهم لو عملوا وانعموا النظر جيدا لو جدوا ان مصلحتهم الشخية هى فى تعديل نظام الضرائب الحالى حتى تعيش الطبقة العاملة الفقيرة عيشة انسانية . لهذا ارى المبادرة بسرعة تعديل نظام الضرائب الحالى على الطريقة الاتية :-

1- فرض الضريبة التصاعدية على مجموع الايراد وتحصيلها بالدقة الواجبة بوضع عقوبات شديدة رادعة لمن تسول له نفسه التلاعب للافلات من تأدية المستحق عليه .. ويجب ان تكون نسبة التصاعد مماثلة لانجلترا ، ولهذه الضريبة جملة مزايا ، منها عدم مغالاة الملاك للاراضى الزراعية فى زيادة فئات الايجارات وكذا اصحاب المصانع والتجار لاتدفعهم الرغبة لرفع الاسعار كما هو حاصل الان ماداموا يرون ان كل زيادة فى ارباحهم مصيرها لخزينة الدولة ومنها خفض نفقات المعيشة ومنع تذمر الموظفين من حالتهم المعيشة وكذا منع التضخم النقدى وثبات النقد المصرى . كل هذه المشاكل وخلافها تعالج بسهولة وترفع عن عاتق الحكومات الشكاوى العديدة والاتباكات المتواصلة .

٢- تخفيض الضرائب الجمركية ورسوم الانتاج على كافة ما يستهلكه سواد الشعب فيترتب على ذلك خفض نفقات معيشته ورفع مستواه ..

ثانيا : اما مسألة تحديد الاسعار واحكام الرقابة على تنفيذها – فارى ان الاجراءات التى تتخدها الوزارة لتحديد الاسعار ليست مدروسة الدراسة الفنيه الكافية ، وسأضرب مثلا واحدا لفت نظرى .

أعلنت الوزارة ان سعر البطيخ الشليان بلاك من ١٢ الى ٢٢ قرشا للبطيخة من انها لو بحثت الموضوع بدقة لما وصل السعر الاقصى للبطيخة ٧ قروش