صفحة:حرب في الكنائس.pdf/59

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
٦١
الفصل السادس: ثيودوروس ونيقيفوروس واستقامة الرأي

واشتد نشاط ثيودوروس واتسع أفقه فلم يكتف بإرشاد الرهبان في الدير بل سعى لإصلاح الدولة بأسرها وطالب بتعزيز المبادئ المسيحية واستقلال الكنيسة عن الدولة وحرية انتخاب الأساقفة وتطهير الكراسي من كل راشٍ أو مرتشٍ. وقاوم المبطلين ودافع عن إكرام الأيقونات فنفي في السنة ٧٩٥ مع رهبانه إلى تسالونيكية. ثم عاد إلى القسطنطينية بعودة إيرينة إلى الحكم أي في السنة ٧٩٧. ووصل المسلمون إلى بيثنية فلم يتمكن ثيوذوروس من الرجوع إلى دير السكوذيون فأقام في دير الأستوديون في العاصمة ورممه وأصلحه1.

وليس لنا الآن أن ننظر في طريقة ثيوذوروس في الرهبنة وأثرها في الحياة الرهبانية في الشرق ولا سيما في روسية2 وإنما نريد أن نذكر مصنفاته ولا سيما موقفه من إبطال الأيقونات. ونظم ثيودوروس بالاشتراك مع أخيه يوسف رئيس أساقفة تسالونيكية معظم كتاب التريوذيون الخشوعي. وكتب في أصول الإيمان كتابي الكتاكيزموس الكبير والصغير فلقيا رواجاً كبيراً. وتوفي في الحادي عشر من تشرين الثاني سنة ٨٢٦ وتلاميذه حوله يرتلون المزمور: «طوبى للذين». وتناول هو الأسرار وأخذ يرتل هذا المزمور، فلما بلغ إلى القول: «إلى الدهر لا أنسى حقوقك» أسلم الروح.

وأشهر ما قال ثيودوروس في الأيقونات ردوده الثلاثة على الهراطقة3 وهو يستعين في هذه الردود بجميع الحجج التي تذرع بها القديسان جرمانوس القسطنطيني ويوحنا الدمشقي ولكنه يظهرها بثوب أرسطوطاليسي مدرسي أكثر بكثير من ذي قبل. فهو يعالج في رده الأول مشكلة الحصر أي حصر المسيح ابن الله فيلجئ خصمه إنكار أي أساس لتصوير المسيح في الأسفار المقدسة فيجيب أن ما يصح عن النموذج وعن العلة يصح أيضاً عن المثال وعن المعلول. والفرق الوحيد أنه إنما يقال في الحالة الأولى على المعنى الأصلي، إذ أنه يقال بالمعنى الطبيعي، بينما يقال في الحالة الثانية بالمعنى غير الأصلي لأنه يقال بالتباس. وبالتالي يثير خصمه المبطل مسألة ما إذا كانت صورة المسيح هي المسيح أم صورته وحسب، فيجيب ثيودوروس أن المتقابلات، أي الطبيعة والوضع والنموذج والمثال والعلة والمعلول والمسيح وصورته، هي من حيث الجوهر والشكل والحقيقة مختلفة. فالصورة هي المسيح وصورته


  1. DELEHAYE, H., Studion-Studios, Anal. Boll., 1934, 64; JANIN, R., Eglises du Précurseur à Constantinople, Echos d'Orient, 1938, 319.
  2. Lettre à Nicolas, P.G., Vol. 99, Col. 940-944, 1799-1812; GARDNER Alice, Theodore of Studium, 93-94; PARGOIRE, Une Loi Monastique de Saint Platon, Byz.Zeit., 1899, 98-101.
  3. Antirrhetici, P.G., Vol. 99, Col. 329 ff.