واستقر الأمر لعبد المؤمن ورجع بعد اللقاء لتينمل وأقام بها يتألف القلوب ويحسن الى الناس. وكان جواداً ، مقداما في الحروب ، ثابتا في الهزاهز، الى سنة ثمان وعشرين وخمسمائة فتجهز وسار في جمع كثير الى أن وصل الى تادلة شمائمه أهلها وقاتلوه ، فقتلهم وقهرهم وفتحها وسائر البلاد التي تليها ، وسار في الجبال يفتح ما امتنع عليه، وأطاعته صنهاجة ، ووقعت بينه وبين أمير المسلمين حروب فتارة له وتارة عليه ، إلى أن نزل مراكش سنة احدى وأربعين وخمسمائةوبها يومئذ اسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين وهو صي : ، فضرب خيامه في غربها على جبل صغير وبنى عليه مدينة صغيرة له ولعسكره ، وبنى فيها جامعا ، و بنى له بناء عاليا يشرف منه على مدينة مراكش ويرى أحوال أهلها وأحوال المقاتلين من أصحابه، وقاتلها قتالا شديدا وأقام عليها أحد عشر شهرا وافتتحها في أوائل ١ اثنتين وأربعين وخمسمائة ٢ وقتل أعيان دولة المرابطين .
ولما استولى على اسحق بن على أخذ يرتعد ويسأل العفو رغبة في البقاء ، ويدعو لعبد المؤمن ، فقام اليه سير بن الحاج الامير وكان الى جانبه مكتوفا فيصق في وجهه وقال : تبكي على أبيك وأمك ، اصبر صبر الرجال ، فهذا رجل لا يخاف الله تعالى ولا يدينه بدين . فقام الموحدون اليه بالخشب فضربوه حتى قتلوه . وكان من الشجعان المعروفين بالشجاعة، وقدم أسحق على صغر سنه وضربت عنقه . وقيل إن استيلاء عبد المؤمن عليها سنة ثلاث وأربعين من التاريخ المذكور