صفحة:تاريخ بعلبك (1904).pdf/34

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٣٤


وغلبت على شهرة سواه في المدن السورية المخلصة بعبادة بعل . فاصبحت بعليك مدينتهم المقدسة وقبلة حجيجهم و مطمح دول ايامهم، فازدانت بما استأتر فيهم من حب التفاخر وتسلط اليقين بهياكل كأنها ابراج السماء او خيال العلاء يرحلون اليها بالنفيس والثمين ويقربون فيها الطيب باليقين غير ان تقلبات الدهور وغير الايام لم تترك لنا دليلاً تاريخيا نحدث به الناس عما كانت عليه بعلبك في ذلك العصر من العظمة وعن مكانتها من العمران والنجاح وكيف تم لها ان تقرر تلك السلطة الدينية في عقول الشرقيين. ولكن ما يسلم به العقل تسليماً مطلقا انه لولا شهرة بعلبك وعظيم اعتبارها عند الوطنيين و بلوغها الشأو الأسمى في اذهانهم وجعلهم اياها مدينتهم المقدسة وتعلق بني المشرق عموماً بعبادة بعلها واكرامه ما ترك الرومان تزيين عاصمتهم رومة العظمى بمثل ما زينوا الهياكل التي شادوها في بعلبك السورية واوصلوا بها الصناعة الى حد الاعجاز في الاتقان ومنتهى التخيل في صور النقوش والزخرف وقد فصل الاب مرتين اليسوعي عن رأيه بشان عصر بعلبك الفينيقي فاجاد بما نصه « لما كانت بعلبك مستترة في سفوح الجبال عند تخم كثير من المالك محية بلبنان الغربي من لصوص البحر و بالشرقي من حبايل ومكايد اهل الشرق كان مركزها من اوفق المراكز التي تجعلها محلا مخصوصا بعبادة بعل وتغشي اسرارها بغشاء لا ينفذ اليه البصر، ومن ثم فان هذه المدينة كانت في أول الأمر مسجدا للعبادة السورية الفينيقية ومع أنها واقعة في احسن محل عند مدخل البقاع الشمالي مشرفة على سهول بهية تشتمل على مسافة اكثر من مئتين واثنين وعشرين كيلومترا مربعا وقادرة ان تمد شوكتها ونفوذها وتصل الى اعلى درجة من السعادة وترتبط باحسن العلايق مع جميع المدن القديمة نرى انها لم تكن مطلقا الا مركزا دينيا ومعبدا مشهورا البعل وقاعدة مملكة كهنوتية يرجح انها كانت صغيرة جدا . ومن