صفحة:تاريخ بعلبك (1904).pdf/136

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٣٢

الاحتكاك، وعند ذلك كانوا يدفعون الحجارة بالامخال والعتلات وأيد قوم من المهندسين هذا الرأي وقالوا بانهم عند ما يشأ ون نقل الحجارة الى ارتفاع شاهق كالتي في رؤوس العمد كانوا ينصبون لها المرتفعات (الصقالات) من جذوع الاشجار الكبيرة و يرفعون التحجر من مرتفع إلى آخر بالمنحل آلة ندعوها اليوم بالونش حتى يصل الحجر الى مركزه . و يرى في كل الاحجار والاعمدة ثقوب منها ما هي مربعة ومنها ما هي مستطيلة وواسعة من الداخل فالمربعة كانت لتقبض عليها كلاليب الآلة الرافعة والمستطيلة كانت لوضع حلقات فيها يفتح مغرزها في داخل الحجر فتثبت الحلقة فيه ويعلق فيها الزرد او الحبال لتجر او ترفع الحجر . غير اننا لو سلنا بنجاحهم في النقل والارض أمامهم مهدة ومتسعة فكيف اوصلوا تلك الحجارة الهائلة الى العلو الشاهق في رأس البناء واحكموا وضعها الى حد لم يتركوا عنده مغرز ابرة بين الحجر والآخر غير مستعملين لضبطه كلسا وغيره من المواد ذلك مما لا بد لنا في تأويلهِ

واما الاعمدة الغرانينية فقد جلبوها من مقالع اصوان في مصر لانه لا يوجد مقالع من جنس هذا الحجر في سورية . فلا بد من أنهم كانوا ينقلون القطع على أرماث (اطواف ) يقيدونها بالمراكب فتقطرها في النيل والبحر المتوسط الى سواحل سورية . وقد أكد الاثري المدقق الاب لامنس اليسوعي وجود آثار الطريق روماني بين جبيل و بعلبك صادع بالعاقورة واليمونة (١). فلا بد أذا من انهم كانوا يرفعون قطعة العمود على عجلات متينة لقطرها الثيران القوية على هذا الطريق الى ان تبلغ بها بعلبك بيد أن استبداد الحكام القدماء ومعاملتهم اسراهم وكثرة المستعبدين عندهم كان من أكبر الوسائل لتشييد هذه الابنية العظيمة . والله اعلم بالصواب


(١) المشرق السنة الثانية ، وجه ٤٣٩