صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/37

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٥١
الفصل التاسع: معاهدة بلطه ليمان

سادساً: وجوب استيفاء الرسوم في جميع الكمارك على وتيرة واحدة حيث يخصص قدر ما في المئة ويستوفى هذا القدر في جميع الكمارك على نظام واحد، ووجوب استيفاء ثلاثة في المئة عن المواد والبضائع الداخلية التي ترد إلى الكمارك القائمة في البلدان والأمصار التابعة للحكومة الخديوية أو تصدر عنها. وفي حال اعتراض التاجر على قدر القيمة التي ثُمنت بها بضاعته يجوز له دفع الرسوم نوعاً مع عدم استيفاء أي رسم عن بضاعته مرة أخرى1.

ولدى اطلاع العزيز على هذا القرار أحاله إلى بوغوص بك ليبدي رأيه فيه فأجاب بوغوص أن الظروف السياسية تقضي بتأجيل البت في ذلك ريثما يعلن الباب العالي موقفه من قضية الكمارك ذلك أن الدول الأوروبية تبحث لوضع تعرفة جديدة تتراوح بين الثانية والتسعة في المئة شرط أن تستوفى مرة واحدة وأن تشمل التجارة الداخلية وأن الباب العالي يحاول صرف النظر عن التجارة الداخلية وإرضاء الدول بجعل الرسم الكمركي عن البضائع الأوروبية خمسة إلى ستة في المئة. فاذا ما نفذت مصر ترتيبها الجديد جاعلة رسمها الكمركي ثلاثة في المئة أصبح عملها هذا من دواعي التعييب2.

والواقع أن الحكومة البريطانية كانت قد بدأت تفاوض الباب العالي في هذا الموضوع منذ أن عاد الأحرار إلى الحكم في السنة ١٨٣٥ ذلك أن محموداً الثاني كان قد غالى في سياسة الاحتكار والالتزام فكثر عدد المحتكرين والملتزمين وتنوعت أساليهم فضج تجار الفرنجة من أعمالهم وشكوا أمرهم إلى حكوماتهم. فهب الفيكونت بالمرستون في السنة ١٨٣٠ يؤكد على البارون جون بونسونبي سفير بريطانية في الآستانة بوجوب الحد من سياسة الاحتكار واللتزام للوصول إلى وضع جديد يفسح مجالاً أوسع ويسهل عمل التجار البريطانيين فيها. ووافق هذا وجود شخص بريطاني ملم في شؤون الدولة العثمانية يقوم بوظيفة سكرتير في السفارة البريطانية هو داود أركت الشهير وأشغل الوظيفة بعده بريطاني آخر هنري بولور كان على جانب كبير من الحذق والنشاط فنجحا في تذليـل بعض العقبات. ولكن السبب الأكبر في القضاء على سياسة الاحتكار والالتزام كان قناعة السلطان نفسه بوجوب التغيير والتبديل، فهو الذي لجأ إلى الإكثار من الاحتكار والالتزام تغطية بعض النفقات الطارئة وهو الذي قال في الوقت نفسه بالتجدد والإصلاح والإقلاع عن بعض العادات القديمة. وكان السلطان علاوة عما تقدم مولعاً بالبارون جون بونسونبي شديد


  1. باقي بك إلى سامي بك: المحفوظات الملكية المصرية ج٣ ص ٢٢١-٢٢٤
  2. بوغوص بك إلى سامي بك: المحفوظات نفسها ج۳ ص ۲۲٥-۲۲٦