٨ - لبنان: وفي أواخر السنة ١٨٣٤ كتب السرعسكر إلى الشهابي الكبير أن يرسل ولده أميناً إليه إلى عكة. فتوجه. واستقبله السرعسكر ببشاشة ثم طلب منه ألفاً وست مئة شاب من الدروز ليدخلهم في جيشه النظامي. فأجابه أمين أن هذه الكمية لا توجد عندهم والتمس منه ترك نصفها فقبل الوزير بذلك ثم سافر بحراً الى صيدا ومعه الأمير أمين. وفي أوائل السنة ١٨٣٥ استدعى الشهابي الكبير إليه مناصب الدروز وأخبرهم بما كان وفرض على كل مقاطعة عدداً من الشبان وأمر المناصب أن ينتخبوهم من ابن خمس عشرة سنة إلى ابن خمس وعشرين ممن لا سقط فيهم وأن لا يكون من البيت الواحد نفران أخوان وألا يؤخذ من ليس له عوض. فلما بلغ الدروز ذلك أبوا وتعصبوا، فوعدهم الأمير أنه يسترحم الوزير (إبراهيم باشا) أن يعفو عنهم1 وأرسل ابنه أميناً مرة ثانية إلى عكة لهذه الغاية. فكتب إبراهيم إلى والده يطلعه على ما جرى ويؤكد «إن اللبنانيين شبوا طلقاء وأنهم إن دعوا للانضواء تحت راية النظام أخذتهم العزة ونفروا من ذلـك»2. فأحاط العزيز علماً برسالة ابنه وبكتاب الأمير بشير الشهابي إليه ونوه بإخلاصه أي بإخلاص الأمير واستبعد احتمال إعراضه عنه ووافق على ملاحظة السرعسكر عن اللبنانيين ثم اقترح إيفاد حنا بحري بك إلى الأمير اللبناني ليذكره بأن ما ضحى به في سبيل نصرة الأسرة الخديوية أدخله في زمرة الزملاء المعدودين من دعائمها وأركانها وبأن السرعسكر قد عقد النية على تغيير الأهالي بين التجنيد والبدل فان لم يقبلوا بإحدهما فالخراب وتشتيت الشمل، ثم عاد العزيز بعد قليل فكتب إلى ابنه ثانية يقول أن لا مناص ولا مفر للدروز من قبول التجنيد أسوة بأهل العراق والأناضول والرقة وأرضروم والمعادن السلطانية. فإن حدثتهم نفسهم بالهرب اعترضهم الجند حينها لاذوا وتوجهوا وإن مدة الخدمة العسكرية المفروضة هي خمسة عشر عاماً فقط!3 ثم شاع في لبنان أن العزيز سيجند ألفاً وخمس مئة من اللبنانيين المسيحيين فقام البطريرك الماروني يعلن عزمه على الاستعانة بفرنسة التدخل في هـذا الأمر وإعفاء الموارنة من الخدمة فكتب العزيز إلى ابنه يقول إنه لما استشعر من القناصل تلميحاً بتعب المسيحيين من الخدمة4. استسلم للطبيعة البشرية فاحتد عليهم وأسكنهم بقوله إنه وهو لا يفتأ يستخدم أبناء دينه في عمران البلاد كيفما شاء لا يستطيع أن يؤثر المسيحيين عليهم بغير حق. ثم اقترح العزيز على
صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/16
المظهر
١٣٠
بشير بين السلطان والعزيز