صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/119

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٣٣٣
الفصل الخامس عشر: العمران

يوحنا مارون صربا (۱۸۲۸) ومار عبدا هرهريا (۱۸۳۱) ومار سرکیس ریفون (۱۸۳۲). وفي السنة ١٨٣١ عاد إلى لبنان المطران مكسيموس مظلوم بإيعاز من البابا غريغوريوس السادس عشر يرافقه ثلاثة من الرهبان اليسوعيين الذين كانوا قد تعلموا العربية على يده ليعنى بمدرسة إكليريكية لطائفته. ولدى وصوله إلى لبنان سار إلى بتدين ومثل بين يدي الشهابي الكبير وأطلعه على مهمته فأجله صاحب لبنان وأكرم وفادته. وعندئذ عاد إلى عين تراز إلى دار الشيخ سعد الخوري وكان قد اشتراها البطريرك أغابيوس مطر سنة ١٨١١ ليجلها مدرسة للطائفة فشرع في ترميم هذه الدار وتوسيعها وتدبيرها وجمع إليها تلامذة لدرس العلوم وأنشأ فيها مكتبة وعلم إلى جانب العلوم الدينية العربية والإفرنسية واليونانية واللاتينية «وأنفق عليها نحوا من عشرة آلاف ريال». وظهرت في الوقت نفسه تقريباً مدرسة دير المخلص فوق صيدا لتهذيب الرهبان المخلصيين وغيرهم من أبناء الطائفة الكاثوليكية الملكية1. وفي السنة ١٨٣٣ أنشأ الروم الأرثوذكس مدرستهم الشهيرة في دير البلمند بالقرب من طرابلس وبعد ذلك بسنتين ظهرت مدرسة الثلاثة الأقمار في بيروت للعناية بالنشء الأرثوذكسي العلماني فشمل برنامجها الإفرنسية إلى جانب العربية نظراً لتطور الموقف. وكانت مدرسة خالكة الإكليريكية تعد قسماً وافراً من أخبار هذه الطائفة فتزودهم بالعلوم الضرورية وتبعث بهم إلى بر الشام متقنين إلى جانب اليونانية لغة الكنيسة المقدسة اللغة التركية.

وكان الأمراء والمشايخ كسالف عادتهم يلجأون إلى معلمين خصوصيين لتعليم أبنائهم القراءة والكتابة وعلم الحساب وشيئاً من الأدب. وقد يوسعون حلقة التدريس هذه فيسمحون لأبناء خاصتهم بحضور الدروس مع أبنائهم فيصبح لديهم مدارس صغيرة منثورة هنا وهناك من أنحاء لبنان في عواصم إقطاعاتهم وقد ضاعت أخبار هذه المدارس بوفاة رجالها وتبعثر أوراق رجال الإقطاع. بيد أنه لا يزال لدينا وصف إحدى هذه المدارس كما عرفه أحد روادها في حداثته في السنة ١٨٥٦. قال الدكتور شاكر الخوري: «في هذه السنة أحضرني والدي معه إلى المختارة لأنه كان مستخدماً في المقاطعة بصفة كاتم أسرار المقاطعجي سعيد بك جنبلاط، واتصالنا بآل جنبلاط قديم العهد فأول حاكم منهم علي جنبلاط وكل جدنا أبو عساف رزق الله الخوري بالحكم والأملاك في إقليم جزين وجبل الريحان. أركبني والدي حمـاراً وعليه فرشتي وأخذني مسافة ثلاث ساعات نحو الشمال إلى المختارة. وكان سعيد بك قد استحضر الشيخ إبراهيم الأحدب الطرابلسي العالم العلامة والشاعر العظيم ليعلم ولديه نجيب


  1. تاريخ طائفة الروم الملكيين الكاثوليكيين لمؤرخ مجهول ص ٨٦-۸٧