صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/108

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢٢٢
بشير بين السلطان والعزيز

النكدي وولده الشيخ عباس أن يعودوا إلى لبنان كما سبق فأوضحنا. فقاموا من مصر براً إلى يافة. فلما بلغ رجال النكدية قدومهم نهض بعضهم من معسكر بشير الثالث لملاقاتهم وحضروا معهم إلى باب المدينة يسلون للسرعسكر العثماني فاستقبلهم هذا بالبشاشة وأمنهم ثم أمرهم أن يتوجهوا إلى معسكر الأمير اللبناني. وفي أول الليل ساروا من المدينة نحو المعسكر اللبناني. ولما أقبلوا عليه التقاهم ذووهم بإطلاق البارود فاضطرب السرعسكر العثماني وظن جنوده أن إبراهيم باشا قد داهمهم، فانهزم بعضهم نحو المدينة وغرق منهم أربعة فرسان في نهر العوجا. واضطرب الوزير العثماني مما كان ونهض إلى خيمة الأمير اللبناني ليعلم الخبر فأخبره الأمير بما كان ورجع الوزير إلى يافه. وفي الصباح حضر الشيوخ إلى خيمة الأمير يسلمون عليه فازدرى بهم وبألقابهم وشاراتهم وأسمعهم كلاماً أخفض مقامهم فشق ذلك عليهم لأنهم لم يذنبوا ضده. وخرجوا نافرين وتوجهوا إلى عكة مغتاظين ثم عادوا إلى الأمير وأكمنوا الغيظ إلى حين1.

ويستدل من بعض الأوراق الباقية بين محفوظات السراي الملكية المصرية أن كبار رجال الجيش المصري في غزة فاوضوا قيادة الحلفاء في كيفية ترحيل جنودهم من غرة قبل وصول إبراهيم باشا إليها. فهنالك تعهـد من إمضاء ضابطين إنكليزيين هورتن ستيوارت ورالف ألدرسن مؤرخ في ٢٨ كانون الثاني سنة ١٨٤١ إلى أحمد منكلي باشا يقضي بتقديم المعونة لتسهيل أعمال الجلاء وبعدم تعيين حاكم على غزة أو الدخول إليها قبل خروج المصريين منها2. ورأى إبراهيم باشا بعد وصوله إلى غزة في الحادي والثلاثين من كانون الثاني أنه لا بد له من البقاء فيها إلى أن يتم الجلاء وذلك لأسباب أهمها حالته الصحية وكان يشكو من اليرقان وتأمين الجلاء وإصلاح سوء الحال الذي أوجده بعض الضباط المصريين في علاقتهم مع الإنكليز. ولكن العزيز أرسل إليه سفينة الحجاج لنقله إلى مصر وأوعز إليه أن يأمر الباشاوات الذين بمعيته بترحيل الجيش من غزة إلى مصر3.

الفرمان السلطاني: وأشارت الدول على الباب العالي كما سبق وقلنا بوجوب إلغاء الفرمان الذي أعلن عزل العزيز من منصبه في مصر واستبداله بغيره يبقيه في منصبه له ولأولاده من بعده. فأصدر الباب العالي فرماناً سلطانياً في الثالث عشر من


  1. أخبار الأعيان لطنوس الشدياق ص ٦١٣-٦١٤
  2. المحفوظات ج ٤ ص ٤٩٥
  3. المحفوظات نفسها ج ٤ ص ٤٩٦