صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/102

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢١٦
بشير بين السلطان والعزيز

رسمية واقترح إبقاء العزيز في منصبه في مصر مدى حياته فقط فأسقط زملاؤه هذا الاقتراح حالاً وقامت التيمس تلح بوجوب قبول الاقتراح الفرنسي مؤكدة أن اقتراع بالمرستون الأخير لا يقول به إلا من كان بستخف اللورد بونسونبي السفير البريطاني في الآستانة1 ولو وقف تيير عند هذا الحد ولم يهدد سفير بريطانية في باريز بالحرب إذا فشلت مفاوضاته هذه الأخيرة لكان ذلك أنفع وأنجع فإنه استفز زميله البريطاني واضطره أن يذكره بماضي فرنسة القريب وبمطامعها العسكرية واستعداد من تحالف ضدها في عهد بونابرت أن يعود إلى تحالفه2. فاضطرب الملك لهذا كله وخشي سوء العاقبة ولا سيما وأن أحد الثورويين كان قد حاول اغتياله وأن بعض الجرائد كانت قد ألمحت إلى وجوب تنازله فرفض أن يتبنى لهجة تيير العسكرية وأدى رفضه هذا إلى استقالة وزارة ذاك فشكل الوزارة الجديدة المارشال ڤيکتور سولت وتولى وزارة الخارجية فرانسوا غيزو سفير فرنسة في لندن وذلك في التاسع والعشرين من تشرين الأول سنة ١٨٤٠.

وحاول غيزو أن يستغل ظرف استقالة الوزارة السابقة لصالح فرنسة فقـال لبالمرستون مودعاً أنه لا بد من استجابة بعض مطالب فرنسة للمحافظة على كرامتها ولتسهيل مهمة الوزارة الجديدة السلمية. ثم عاد فاتصل بسفير بريطانية في باريز مقترحاً إيقاف الأعمال الحربية في بر الشام واعتبار الوضع الراهن فيها أساساً لحل المشكلة أو التعريض عما يفقده العزيز من بر الشام بسلطة له في مكان آخر كجزيرة كريت مثلاً3. ولكن شيئا من هذا لم يؤثر في قلب بالمرستون الذي خشي أن يسيء الإفرنسيون فهم مثل هذا الحل فيظنون أن تهديداتهم أثمرت فأينعت. وفي أول تشرين الثاني سطر رده الشهير على مذكرة تبير المؤرخة في الثامن من تشرين الأول فأنكر على فرنسة أن يكون لكيان العزيز أية علاقة بالتوازن الدولي وأضاف أن بقاء جيش العزيز يهدد سلم الدولة العثمانية وسلامتها4. فخيَّب غيزر بمذكرته هذه وأثار عاصفة النقد في أوساط لندن أدت إلى تبكيته في جريدة التيمس5. ولم توافقه حكومات حلفائه على تطرفه هذا فكتب مترنيخ إلى ممثل حكومته في لندن موافقاً


  1. جريدة التيمس تاریخ ۱۷ و۲۰ تشرين الأول سنة ١٨٤٠
  2. بالمرستون إلى غرانفيل: الكتاب الأزرق ج ٢ ص ٣١٤-٣١٥
  3. غرانفيل إلى بالمرستون: الكتاب الأزرق ج۳ ص ۱-۲
  4. بالمرستون إلى غرانفيل: حياة بالمرستون للسر هنري بولور ج ٢ ص ٣٤٧ الكتاب الأزرق ج ۲ ص ۳۳۸-٣٤٠
  5. عدد ١٣ تشرين الثاني سنة ١٨٤٠