الآستانة ووصوله إلى مصر حتى كتب إلى والده يوجب المطالبة بالاستقلال التام وبضم بر الشام وأدنة وقبرص والعراق إلى مصر مؤكداً له بإمكانه أن يملي هذه المطالب إملاء وأن يجابه الدول بالأمر الواقع قبل أن يتسنى لها التدخل الفعلي. ورأى أيضاً أن المصلحة تقضي بخلع السلطان وبإجلاس ولي العهد مكانه صوناً للحقوق المكتسبة1.
٢ - التدخل الروسي: وكان القيصر الروسي نيقولاوس الأول (۱۸۲٥-۱۸٥٥) منذ نهاية الحرب الروسية التركية وتوقيع معاهدة أدرنة قد طلب إلى سبعة من أكبر أخصائه أن يدرسوا القضية التركية مجدداً ويتقدموا باقتراحات تنير سبيله وتمكنه من اتخاذ خطة رشيدة في معالجة هذه القضية. فرأى داشكوف أحد كبار هؤلاء أن طرد الأتراك من أوروبة قد يؤدي إلى إنفصال كبير في نفوسهم فيزيدهم نشاطاً وقوة ويزدادون إزعاجاً في منطقة القوقاس. ثم أضاف أن اقتسام الأراضي التركية في أوروبة يجر النفوذ النمساوي إلى البوسنة والجبل الأسود وألبانية ويجذب البريطانيين إلى جزر إيجة والفرنساويين إلى مصر فيستبدل جاراً ضعيفاً بجيران أقوياء. وقال زميله نسلرود أيهما أنفع لنا زوال الحكومة العثمانية أم بقاؤها؟ لا مراء في أن إعادة العبادة الأرثوذكسية الحسنة إلى الكنائس التي أصبحت جوامع في الآستانة تزيد في شرفنا وتخلد ذكرنا في التاريخ ولكنها تؤدي في الوقت نفسه إلى عراك مع دول أوروبة العظمى. فقر قرار اللجنة على استبقاء الدولة العثمانية والمحافظة عليها حرة طلقة خالية من أي نفوذ أجنبي2.
وهكذا فإننا نرى القيصر في السنة ١٨٣٢ يهتم اهتماماً فائقاً لنداء الحكومة العثمانية ورجائها بأن تحافظ الدول على الحياد في حربها مع والي مصر وأن تمتنع عن إرسال المؤن والعتاد له نقول نرى القيصر يهتم لهذا النداء فيأمر بالعمل بموجبه ثم يقفل قنصليته بالإسكندرية ويحيل أعمالها إلى قنصل توسكانة3 ويوفد بعد انهزام الجيش الثاني في حمص وبيلان مندوباً خاصاً إلى الآستانة الجنرال مورافيف ليعرض على الباب العالي معونة فعلية توقف إبراهيم باشا وتفرض على العزيز طاعة سيده فرضاً.
وصل الجنرال مورافيف إلى الآستانة في الثاني والعشرين من كانون الأول. وفي الثالث