الباشا وبأن سرّه وسيفه ورمحه هو إبراهيم وإنه ضربهم وشتت شملهم حتى قتل منهم ألفي نفر وجرح ألفين وأنه أسر ما ينوف عن الثلاثة آلاف من العساكر النظامية واستولى على عشرين مدفعاً وعلى ذخائر وخيام لا تعد وأنه أرسل الجرحى والأسرى إلى عكة فصار فتح حمص وحماة بعد انهزامهم. فماذا يريد المصريون منه ومن والده وهو قد فتح لهم الشام مثال الجنة وألحق بحكومة مصر حمص وحماة أيضاً وأنه سيستولي على الممالك بالسيف والمدافع والبنادق حتى أسكودار، ثم يدعو لوالده بطول العمر والبقاء وأنه هو ومن معه يقدمون أنفسهم في خدمته وخدمة الملة1. فأنشد «لسان الحال» في الوقائع المصرية:
وكان السردار الأكرم قد بلغ أنطاكية وبارحها متجهاً نحر حمص فالتقى بفلول الجيش المهزوم وعرف منهم نبأ الهزيمة فارتد إلى حلب ليتخذها قاعدة للقتال وطلب إلى أعيانها أن يمدوه بالمؤونة والرجال فتشاوروا ورفضوا الاشتراك في الحرب وأبوا على جيش السردار أن يدخل أحد منه إلى المدينة ولم يسمحوا بذلك إلا للجرحى والمرضى وأغلقوا أبواب البلد!
وفي خلال ذلك كان إبراهيم باشا قد تقدم من حماة إلى المعرة سالكاً طريقاً معطشة منهكاً جنوده من شدة الحر وقلة الماء. ولدى وصوله إلى قرية زيتا جاءه جماعة من العرب يخبرونه بما حل بالسردار في حلب وبقيامه منها فأسرع إليهـا بالفرسان وستة مدافع ووصلها في الخامس عشر من تموز واستقر في الشيخ بكر في ظاهرها. فخرج إليه وجهاؤها وأعيانها يقدمون الطاعة3. وكان إبراهيم قد كتب إلى مفتي حلب يستعطفه منـذ دخوله إلى دمشق وكتب أيضاً في الوقت نفسه إلى مفتي مرعش الذي كان قطباً في حلب يخبره عن فتح عكة ودمشق وطرابلس ويقول له أنه ذاهب إلى حلب لأنها من بلاد العرب الطاهرة ولأنه يجب تخليصها من أدران الظلم والفساد ويوضع له خروج الدولة عن الدين والشرع. وقوّى إبراهيم هذا القول بالفعل فكان ما كان من موقف القاضي والمفتي وامتناعهما عن تقديم المعونة للسردار كما أوضحنا4. ولا يُستبعد أن يكون القائد المصري قد اتصل في الوقت