المعنيين سنة ١٦٩٧1 وحق التشاور معها فيما يعود لمصلحة الكل. ومثال ذلك ما جرى في السنة ١٧٨٨ بين الأمير الحاكم الأمير يوسف الشهابي وبين أعيان البلاد. قال الشيخ طنوس الشدياق: «وفيها ركدت همة الأمير وأظهر له الأكابر الجفاء وكان بنو جنبلاط ينفرون الناس منه ويشيعون عنه أخبار الوهن. فاستصوب التنازل عن الولاية وجمع أكابر البلاد وذكر لهم عجزه عن القيام بحق الولاية وما بينه وبين الجرار من المشاحنة وأطلق لهم أن يختاروا لهم والياً آخر غيره من الأمراء الشهابيين اللبنانيين فاختاروا الأمير بشيراً ابن الأمير قاسم عمر. وكان الجزار يميل إليه ويرغب أن يجعله والياً وله معه الدسايس والرسائل. وكان بين الأمير بشير والفئة الجنبلاطية مخالفة وعهود. فأحضره الأمير يوسف وأشار إليه بأن يتوجه إلى الجزار ويتوشح بخلعة الولاية على البلاد».2
وكان بشير هذا أشقر اللون معتدل القامة طويل اللحية نحيفاً أقنى الأنف طويل أشهـل العينين. وكان بشهادة خصم له عاقلاً عادلاً حليماً شجاعاً فاضلاً كريماً شهماً يقظاً فطناً صادقاً رزيناً خزوماً جباراً فاتكاً صبوراً غيوراً3. وقد حكم لبنان من دير القمر أولاً ثم بنى لنفسه قصراً على هضبة تطل عليها في بتدين. وكانت داره هذه كثيرة النفقات. حيث ينفق كل يوم على ألف وخمسماية رأس خيل شعيراً وعلى بيته غرارة ونصفاً حنطة وثلاث قفات أرزاً وقنطاراً لحماً. وعنده بين خدم وخاصة نحو ألفي رجل4. وكان عند الملمات أقوى حكام بر الشام قاطبة ينزل إلى ساحة الوغى ما لا يقل عن عشرة آلاف رجل كما صرح بذلك هو نفسه إلى العزيز في مصر5. وكان هؤلاء الفرسان أشجع فرسان بر الشام وأقدرهم رماية بالرصاص وضرباً بالسيف. وكانت أسلحتهم النارية متنوعة منها الفرد والجفت وهو ذو طلقين والغدارة وهي صغيرة تعلق على الجنب ومثلها الطبنجة والفرد. أما القربينة فإنها كانت بندقية متينة واسعة الفوهة تحشى بالرصاص، ومنها الزربطانات والشرخانات وبنادق الخزنة وهي أشبه بالمدافع الصغيرة توضع على مرفع عند إطلاقها. وكان لدى الأمير نفسه بندقية خاصة أهداها إليه عبدالله باشا بعد حصار دمشق اعترافاً بفضله. وهذا ورثها عن سلفه سلميان باشا وقـد أرسلها إليه هدية نابوليون الأول سنة ١٨٠٥ «طاقها ذهب وحديدها أنعم من القطيفة وطوله