صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/89

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٨٣
الفصل الرابع: العزيز والسلطان

وجعل قواته غير النظامية من البدو تحرس أطراف جانبي الاحتياط. وأقام اللبنانيين بقيادة أميرهم بشير الثاني في القلب يحرسون الذخائر والمهمات.

ولمس القائد المصري ضعفاً في ميسرة خصمه إذ وجدها خالية من الموانع الطبيعية فرأى أن يقوم قلب جيشه بهجوم شديد على خصمه وأن يقوم المشاة من ميسرته بهجوم خـادع على ميمنة خصمه ثم يندفع هو بالمشاة والخيالة والمدفعية على ميسرة العدو فيلتف حولها ويقضي عليها. فتحركت الخيالة واجتازت القرية الخربة في ميسرة الأتراك ثم هجمت على الخيالة الترك فتراجع هؤلاء وتفرقوا واحتل المصريون الأرض وراء القرية وبينها وبين حدائق حمص. وحاول الفرسان النظاميون من الأتراك صد الهجوم المصري ولكنهم لم يفلحوا فانهارت ميسرة الأتراك وتقهقرت. وانثنى قلب الأتراك من جراء النيران المحكمة. فأمر محمد باشا القائد العثماني بالهجوم على مدفعية ميمنة المصريين فقابلته مدفعية الغارديا بالنار وأكرهته على التراجع. وأَسدل الليل ستاره فامتطى محمد جواده قاصداً حمص وفعل مثله غيره من القواد واقتدى الضباط بالقادة ثم حلت الفوضى في صفوف الجند فالهزيمة فالذعر1.

وفي صباح اليوم التالي دخل الأمير اللبناني برجاله إلى حمص ليرتب أمورها «فداست خيوله القتلى مسافة ميل في سهل بابا عمر» واستقر في السراي فطلب إلى القاضي والمفتي أن يعنيا بدفن القتلى. ثم أرسل الأسرى والجرحى إلى عكة بحراسة قوة لبنانية يتقدمها الشيخ حسين تلحوق. وأطلق سراح ثمان مئة أرمني كانوا في خدمة الأتراك فتسلمهم مطران الروم. وقام كاتبه مخائيل مشاقة إلى جسر المياس لضبط مخلفات الوزراء «فوجد الخيام بفرشها حتى أن الأفندي كاتب الديوان ترك دواته الفضية وأقلامه والورق على الأرض والطبايخ كانت باقية محروقة على النار»2.

بيلان: وجدَّ القائد الفاتح في إثر عدوه منذ العاشر من تموز فبات ليلته الأولى في الرستن في منتصف الطريق بين حمص وحماة وجاءه من يخبره بأن الباشاوات لم يدخلوا حماة بل تعدوها وتركوا وراءهم ستة من مدافعهم ثم تركوا خمسة غيرها والتجأوا إلى قلعة المضيق. فقام من فوره إلى حماة ووصل إليها بعد ساعتين ونصف الساعة. وكتب إلى والده بأنه وصل إلى حمص وتقابل مع ثمانية من الباشاوات وأربعة ألايات من المشاة وثلاثة من الحمالة وخمسة عشر ألفاً من العساكر غير النظاميين وحمل عليهم بالقول بأن محمد علي هو


  1. کادالغان وبارو ص ۱۸۰-۱۸۹ عبد الرحمن زكي بك ٤١١-٤١٥ ميخائيل مشاقه ص ٢٤١
  2. الجواب على اقتراح الأحباب ص ٢٤٥-٢٤٦