واتجه عباس باشا بقلب الجيش من بعلبك نحو الهدف نفسه. فوصلت جميع هذه القوات إلى القصير بالقرب من حمص في السابع من تموز اليوم الذي وصل فيه محمد باشا بطلائع الجيش العثماني ونزلت بالقرب من العاصي عند تل النبي مند1.
وفي أثناء الوليمة التي أقيمت على شرف محمد باشا ابتهاجاً بوصوله إلى حمص جاء من يخبر أن القوات المصرية أمست في القصير قريبة جداً من حمص فهب من فوره يشاور أركان حربه وزملاءه الباشاوات ومنهم محمد باشا والي حلب. فقال بعضهم بوجوب التراجع للاتصال بمعظم الجيش الذي كان لا يزال مرابطاً في أنطاكية. وآثر غيرهم الهجوم على العدو حالاً إذ ليس من الممكن أن يتغلب فلاحو مصر على أسيادهم العثمانيين. وكان محمد باشا فيما يظهر يود أن يستأثر بالنصر لنفسه دون مشاركة سيده السردار فأمر بإجراء ما يلزم لمجابهة الخصم ومقاتلته. وكان بإمكانه أن يتخذ خطة دفاعية فيستتر في حمص وفي جنائنها ويوقف زحف عدوه إلى أن يصل الجيش بمعظمه ولكنه لم يفعل. وفي صباح اليوم التالي خرج بقواته إلى السهل الذي يقع إلى جنوبي حمص ووزع قواته في صفوف ثلاثة فجعل في القلب عبر الطريق الذي يصل حمص بدمشق ألايات من المشاة النظاميين أربعة تتكئ ميمنتهم على العاصي والترعة المتفرعة عنه وميسرتهم في فضاء صحراوي. وأقام خلف هذا الصف الأول صفاً ثانياً مؤلفاً من ألايين نظاميين وألاي خيالة يدعم بها قلب الصف الاول وميمنته. ووضع في الصف الثالث بين العاصي وبين قرية خربة مجاورة تبعد ألفاً وثمان مئة متر عن القلعة إلى جنوبيها الشرقي وضع في هذا الصف قواته غير النظامية وألاياً من الخيالة النظامية لحماية ميسرته. وجعل لكل أورطة كم المشاة مدفعاً ولكل ألاي من الخيالة مدفعين ونصب واحداً وعشرين مدفعاً في مواقع معينة خلف ميمنة قواته2.
وقام إبراهيم الفاتح في صباح الثامن من تموز من القصير إلى حمص فرتب قواته على الشكل التالي: في المقدمة ألايات المشاة الثاني عشر والثالث عشر والثامن عشر يتبعها ألأي الغارديا وألايان آخران من المشاة الخامس والحادي عشر. أما الألاي الثامن فإنه وضع في الاحتياط خلف قلب هذه القوة. واتخذت الأورط شكل قوس مزدوج مفتوح غير كامل الانتشار. وجعل القائد ثلاث بطاريات من المدفعية في الصف الأول وأربعاً مع أوبوسين في الخطين الأول والثاني ثم وضع ثلاثة ألايات من الخيالة في ميمنة القوة وثلاثة غيرها في ميسرتها