على طرابلس لإيجاد قوة عسكرية كافية في هذه البلدة ولتسهيل أعمال الجردة وإعداد العدة لتأمين القيام بفريضة الحج1.
وما أن وصل عثمان باشا والي طرابلس الجديد إلى حلب واتصل بمحمد باشا سردار سواحل بلاد العرب حتى حرر كل منها إلى الشهابي الكبير أمير لبنان يمدحانه ويستميلانه إلى جانب الدولة. ويتضح من أسلوب عثمان باشا وطريقته في الكتابة أنه كان يطلق آمالاً كبيرة فيما إذا نجح في استمالة الأمير. فهو يستهل إحدى رسائله إلى الأمير اللبناني بالعبارات التالية: «صاحب العطوفة والسماحة والمروءة والرأفة أخي حميد المزايا سلطاني وأميري الكريم» ويقول في محل آخر: «إني وإن كنت لم أتشرف بمقابلتكم للآن فإني نظراً لوجودي مدة سبع سنوات بالشام وبلاد العرب وكنت اجتمع بعبد القادر آغا وأحمد آغا ترجمانكم بالشام فنذكركم بالذكر الجميل والسيرة الحسنة ولهذا السبب لم آلو جهداً ولم أؤخر وسعاً في الإطراء بكم والثناء عليكم بالصدق والأمانة والدراية والغطانة وإخلاصكم الشديد للدولة العلية كما برهنتم على ذلك في مواقع كثيرة وأنكم لا تريدون قط الانفصال عن الدولة بحال من الأحوال ولا ترمون إلى ذلك أبداً وقد ذكرت كل هذا للحكومة العثمانية ولا سيما لقايمقام السرعسكر ولدولة السرعسكر خسرو باشا محمد، وإني واعدك بأن أقوم بجميع ملتمساتكم كلما وجدت لدى الحكومة العثمانية»2. وكتب محمد باشا والي حلب وسردار سواحل بلاد العرب في هذه الآونة نفسها إلى إبراهيم باشا يرجوه أن يتخلى عن متسلمية طرابلس وأن يستدعي مصطفى آغا منعاً لوقوع الفتنة بينه وبين عثمان باشا وتسهيلاً لسفر المحمل الشامي3.
وكان العزيز يرى في تعيين عثمان باشا والياً على طرابلس مجرد جس نبض فقط فكتب لابنه إبراهيم «بوجوب طرد كل شخص يأتي إلى الإيالات التي وقعت بيده» وتيقن في الوقت نفسه من ورود الفرامانات السلطانية بإحالة الإيالات الجديدة إلى عهدته4. وهكذا فإننا نرى إبراهيم يعقد مجلساً استشارياً مؤلفاً من الأمير الشهابي الكبير والمعلم يوحنا بحري وعثمان بك لدرس الموقف فيقر قرارهم على تشكيل جيش من المشاة والخيالة والمدفعيين وإرسالهم