مع الكتخدا قال لرجال الأمير بشير الشهابي أنه قتل من جنود عبدالله باشا حوالي مئة. ثم يقول أن الأمير المذكور يقدر عساكر عكة بألفين وسبع مئة أو ألفين وثمان مئة1.
ورافق أعمال الحصار هذه قحط وغـلاء فاضطر القائد الأعلى أن يستقدم مؤونة جيشه من مصر بدلاً من ابتياعها في الأسواق المحلية وأن يستقدم كميات أخرى لتموين الأهالي. وهكذا فإننا نراه يكتب إلى والده في السابع والعشرين من رجب سنة ١٢٤٧ يصف القحط في البلاد ويرجو شحن كميات كبيرة من البقسماد والقمح والدقيق والذرة والفول والشعير والعدس والأرز تكفي لمدة بضعة أشهر. وبعد ذلك بيومين يرجو إرسال كمية كبيرةمن الذرة لبيعها في ثغور الشام. ونرى العزيز في الوقت نفسه يكتب إلى متسلم القـدس فيحيطه علماً بالقحط فيها ويأسف أن الحنطة قليلة في مصر ولكنه ينبئه بأنه أمر بإرسال ألف أردب من الأرز لتباع بسعر السوق2.
لمس إبراهيم نواقص جيشه وأحاط علماً بجميع هذه الصعوبات فرأى أن يتريث قليلاً في أمر الهجوم على عكة وأن يكتفي إلى أمد معين بتشديد الحصار عليها ليمنع وصول المدد إليها، فشاور الشهابي الكبير وقر قرارهما أن يصار إلى احتلال جميع الثغور الشامية لمنع المدد. وطلب إلى مصطفى آغا بربر أن يقوم من عكة بأورطة من المشاة فيضع بلوكاً منها في صور وآخر في صيدا واثنين في بيروت ويتوجه بالأربعة الباقية إلى طرابلس ثم يكتب منها إلى مصطفى آغا هارون في اللاذقية فإن قبل وامتثل كان به وإلا فيرسل مصطفى آغا بربر متسلماً من قبله إليها3.
وكانت الدولة العثمانية قد احتاطت في أمرها فعينت محمد باشا والي الرقة وقائمقام حلب سابقاً والياً على حلب «وسردار سواحل بلاد العرب» وألحقت بـه كلاً من علوش باشا وعثمان باشا أمين المعادن وعثمان خيري باشا متصرف قيصرية. وأمرت محمد باشا والي سلسترة أن يسير بعساكر الرومللي إلى الأناضول كما أخرجت خمسين ألفاً من «نخبة العساكر المدربين» من ناحيتي كيفەلق وطوسقەلق من بلاد الأرناؤوط. وعينت عثمان باشا قائمقام الشام سابقاً والياً