صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/70

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٦٤
بشير بين السلطان والعزيز

وفي هذه الفترة أيضاً كتب العزيز إلى الأمير الشهابي يأسف على ما بلغه من أنه لم يأت إلى معونة إبراهيم باشا ويستنتج من ذلك أنه إنما يبتغي الانضمام إليه بعد الانتهاء من مسألة عكة. ثم ينبهه إلى أن هذا الأمر لا يحتاج إلى الكثير من الملاحظة وعميق التفكير. ثم يتوعده بأنه إذا أحجم بعد وصول هذا الكتاب إليه عن الانضمام إلى إبراهيم باشا فإنه يجرد عليه خمسة ألآيات أو ستة تدك دياره دكاً وتقطع دابر الدروز قطعاً1. والواقع أن الشهابي الكبير كان لا يزال مخلصاً كل الإخلاص للعزيز إذ أنه كان قد نصح عبدالله باشا بالرضوخ للعزيز وأشار على الشيخ حسين عبد الهادي بوجوب ملاقاة المصريين والسير أمامهم على عكة مضيفاً أنه لدى وصولهم إليهـا ينزل هو أيضاً على عكة2. وما أن تسلم المرسوم الذي طلبه من إبراهيم باشا حتى قام من قصره في بتدين على رأس مئة فارس إلى عكة. ولما أقبل على المعسكر في التاسع من كانون الأول سنة ١٨٣١ التقاء ألاي من الجند بالموسيقى وإطلاق البارود ودخلوا به بموكب عظيم وأنزلوه في خيمة قرب خيمة الوزير فالتقاه إبراهيم باشا أحسن ملتقى وكتب إلى والده يخبره بحضور الأمير3. ويرجوه أن ينعم على حفيده بسيف ذهب أو بزوج طبنجات مذهبة4. ففعل العزيز وقال في كتابه إلى الأمير: «أنا عالم بميلك ومحبتك وصدق خلوصيتك وما بقي للإغبرار أثر. فيا أمير أنا اختيار وأنت اختيار وإعطاء أحدنا إلى أحدنا شيئاً يكون غشاً من كون هكذا أشياء تليق بالشبان. فالآن مرسلين إلى ولدنا ولدكم الموجود معكم جوز طبنجات ذهب وسيف ذهب إن شاء الله تعالى عند وصولها وأعطايهما يتقلد بهم بالصحة»5.

والتفت القائد الأعلى في أثناء إقامته في حيفا إلى استقصاء أخبار عدوه فبث جواسيسه في عكة واستمع إلى أقوال غيرهم من أهل الخبرة. ومن هؤلاء الخواجة لويس كتفاکو والسنيور بوزيو اللذان كانا قد استأذنا عبدالله باشا بالخروج من عكة لإيواء عيالهما في الناصرة ووعدا بالعودة ولكنها لم يفعلا. وقد أكد الخواجه كتفاكو لإبراهيم باشا أن أتباع عبدالله باشا يمقتونه وأنهم يترقبون الفرصة للخلاص6. ولكن شيئاً من هذا لم يتفق وواقع الحال


  1. المحفوظات الملكية المصرية ج١ ص ۱۳٥
  2. الجواب على اقتراح الأحباب لميخائيل مشاقه ص ۲۲۳
  3. أخبار الأعيان لطنوس الشدياق ص ٥٦٧-٥٦٨
  4. إبراهيم باشا إلى محمد علي باشا ١٣ رجب سنة ١٣٤٧ (۱۸۳۱): المحفوظات ج١ ص ١٤٠
  5. محمد علي باشا إلى الأمير بشير الشهابي: الأصول العربية ج١ ص ۱۰۳-١٠٤
  6. يوحنا بحري إلى الباشمعاون ۱٤ و۱٥ جمادى الآخرة سنة ١٣٦٧ (۱۸۳۱): المحفوظات ج ١ ص ۱۲۹. اطلب أيضاً كادالفان وبارو ص ٦٨ - ٦٩