صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/65

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٥٩
الفصل الرابع: العزيز والسلطان

ذلك أن ساسة الإنكليز آنئذٍ وفي مقدمتهم الفيـكونت بالمرستون كانوا يؤثرون التعاون مع فرنسة على التعاون مع أية دولة أخرى. ويرون في حكومتها الدستورية الجديدة وفي أسطولها خير معونة للصمود في وجه الحكومات المستبدة كحكومة روسية والنمسة وبروسية وتركية. وكانوا آنئدٍ منهمكين في مشاكل سياسية دولية غربية كمشكلة بلجيكة وإسبانية أقرب بكثير إليهم من أي حدث شرقي - مشاكل تتطلب تعاوناً وثيقاً بينهم وبين فرنسة. ويستدل من المحفوظات البريطانية أن وزير الخارجية البريطانية الفيكونت بالمرستون كان لا يزال متردداً في أعماق نفسه متسائلاً ما إذا كان قيام دولة فتية في مصر والشام أقرب لمصالح دولته من الاستبقاء على الدولة العثمانية بكاملها أم لا أو بعبارة أخرى ما إذا كان الحـلُّ الذي لُجئ إليه في اليونان هو ما يجوز تطبيقه في مصر والشام أم لا1؟

وكان العزيز قد نال من انتصاراته في الحجاز ونجد وفي المورة مـا أغناه عن أية دعاية مصطنعة في العالم الإسلامي وقد طبق صيته الآفاق وأصبح ذكره على لسان كل متمسك بالشرع والتقاليد وصار بإمكانه أن يعارض السلطان ذاك الذي اجترأ على كل قديم فتزيا بزي الإفرنج وأمر من أمر منهم في الجيش والأسطول مما دعا إلى معارضة رجال الدين وتجرئهم عليه حتى اعترضه أحدهم على جسر غلطه وقال له «کاور سلطان» سلطان کافر!

القوى المتقاتلة

١ - جيش العزيز وأسطوله: وكان جيش العزيز مؤلفاً من سبعين ألف مقاتل نظامي منهم ثمانية عشر ألاياً من المشاة وثمانية ألايات من الخيالة وألاي من المدفعيين ووحدات من المهندسين واللغامين. وكان لدى العزيز أيضاً عدد من العساكر غير النظامية يكثر ويقل حسب الظرف والحاجة. وكانت البعثة الفرنسية العسكرية التي ترأسها الجنرال بوابيه قد أشرفت على تدريب المشاة فقامت بهمتها خير قيام من حيث انتظام الحركات ودقة إطلاق النار وسير طوابير الهجوم. وعني الكولونيل راي الإفرنسي بمدفعية الجيش فأدخل عدة تحسينات بمصانع الأسلحة في القاهرة. وكان إبراهيم باشا قد أعجب كل الإعجاب بالخيالة الفرنساويين إبان حرب المورة ووصف ما شاهده لوالده فقرر هذا إعادة تنظيم الفرسان في جيشه وعهد بذلك إلى الضابط الفرنسي بولان دي تارلييه


  1. اطلب إنكلترة والفرم للدكتور مارولد تمبرلي فهو أفضل ما صنف في سياسة بريطانية آنئذٍ ص ٥۸-٦۲