صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/60

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٥٤
بشير بين السلطان والعزيز

قناصل الدول أجمعين. فهو يقول مراراً وتكراراً في تقاريره السرية لسفير فرنسه في الآستانة ووزير خارجيتها في باريز أن العزيز ما فتئ يصرح خاصة وعامة أنه لن يخرج على مليكه الشرعي وأن مصلحته وضميره يمنعانه عن ذلك وأنه لن يترك مجالاً للدولة أن تبعده عن مصر حتى ولو كان بإمكانها أن تفعل ذلك1. ويرى هذا القنصل عينه أن لا أساس لما ظهر في بعض الجرائد والمجلات والكراريس من أن العزيز يطمع في عرش السلطنة وسدة الخلافة2. ولكنه ربما يرغب في ضم بعض الأقطار العربية ليجعل منها نواةً تنفع في حال تأزم العلاقات الدولية وتجزئة الدولة العثمانية فتصبح دولة مستقلة له ولأولاده من بعده3.

والآن وقد ثبت لدينا أن جـل ما طمح إليه العزيز عند السنة ١٨٣١ هو توجيه بعض الأقطار الشامية إليه يجدر بنا أن نحدد هذا البعض. فهل طلب العزيز إحالة إيالة صيدا إلى عهدته أم إيالة دمشق أم الاثنين معاً أم طرابلس وحلب أيضاً؟ نقول ليس في المحفوظات الملكية المصرية ما يوضح بجلاء تام هذه الناحية من البحث فهنالك غموض في التعبير إن في الوارد إلى القاهرة أو في الصادر عنها. ويستدل من كلام القنصل الفرنساوي المسير ميمو أن هذا الأمر لم يكن محدداً معيناً في مخيلة العزيز نفسه فإنـه قصد أولاً الوصول إلى عكة والاستيلاء عليها وعلق أمر دمشق وإيالتها إلى أن يكون قد أنجز هذه المهمة الأولية ومثله فيما يتعلق بسائر الإيالات4. وكأني بالعزيز يقول في الرد على هذا السؤال «نبدأ بالاستيلاء على عكة ولكل حادث حديث».


  1. ميمو إلى سباستياني في ٣٠ أذار سنة ١٨٣٩: الحرب الشامية الأولى لجورج دوان ج١ ص١٦
  2. ميمو إلى سباستياني في ١٠ آب سنة ١٨٣٩: المؤلف نفسه ج١ ص٦٢. أما موقف إبراهيم باشا من العرب والخلافة فإنه له وحده فيما يظهر. اطلب تفاصيل ذلك في كتابنا أسباب الحملة المصرية على سورية ص ۸۳ – ٩٦
  3. ميمو إلى سباستياني ٨ آذار سنة ١٨٣١: المؤلف نفسه ج ۱ ص۹ راجع أيضاً كتابنا أسباب الحملة المصرية ص٢٤-٢٥ وفيه من كلام ترجمان عبدالله باشا ما يؤيد هذا الرأي.
  4. ميمو إلى سباستياني ١٩ أيار سنة ١٨٣١: المؤلف نفسه ج۱ ص۳۳- ٣٤ راجع أيضاً المحفوظات الملكية المصرية ج٢ ص ٧٤ رقم ١٠٧٦ وكذلك لبنان في عهد الأمراء الشهابيين ج٣ ص۸۳۷: «فارتد عليه جواب أن الدولة أنعمت على إبراهيم باشا في إيالة صيدا وأن طرابلس تابعة صيدا من وقت عبدالله باشا».