صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/55

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٤٩
الفصل الرابع: العزيز والسلطان

ألا تصغي إلى وشايات حساده فيقول: «قد بلغني أن بعض عبيدكم ممن يحسدني على ما نلته من العناية والعطف يقول أن محمد علي باشا ليس بذاهب إلى الحجاز وإنما يجهز العساكر للوصول إلى غرض خصوصي»1.

وجد العزيز الجو غير ملائم فأعرض عن الطلب وبات يترقب الفرص للعودة إليه واكتفى إلى حين بتقوية الروابط بينه وبين الشوام فآوى كل من أوى إليه منهم وأكرم مثواه، ومن هنا ذهاب الشهابي الكبير إليه ونزوله عليه كما أشرنا إلى ذلك سابقاً ومن هنا أيضاً عطف العزيز على عبدالله باشا والي صيدا والاهتمام بأسره. وما فعله لبشير وعبدالله فعل مثله لآخرين عديدين منهم السياسي والقاضي والتاجر. واشتد اهتمام العزيز في هذه الفترة أيضاً بجيشه وأسطوله ومصانعه وتنوعت مطالبه فازدادت رغبته في الشام وعظم ميله إليها. وهكذا فإننا نراه يستخرج الفحم الحجري من لبنان في أواخر السنة ١٨٢٣2 ويستورد بذور النيلة من فلسطين بكميات كبيرة3 والخشب منها أيضاً لصنع السواقي4 في السنة ١٨٢٦. ونراه أيضاً يكتب في السنة ١٨٢٨ إلى والي حلب فيعلمه بفاجعة نوارين وبوجوب إصلاح ما تبقى من السفن ويرجوه أن يسهل نقل الأخشاب اللازمة من الإسكندرونة إلى مصر5. ثم يكتب إليه بعد سنة شاكراً اهتمامه بأمر أوانس الحكيم الذي أوفد إلى ديار بكر لابتياع النحاس6. ويكتب بعد هذا بقليل إلى والي دمشق يوصيه بأحمد بك أحد رجاله «الذي أوفد خصيصاً إلى بر الشام لابتياع الخيل»7.

وشق اليونان عصا الطاعة في السنة ١٨٢١ وخرجوا على السلطان وأيدتهم دول وشعوب فكسروا جيوش السلطان مراراً وطردوا عماله فالتجأ إلى العزيز يطلب معونته البحرية والبرية وأصدر له فرماناً يدعوه إلى ذلك ويخوله ولاية المورة. ولبى العزيز الطلب وأخمـد


  1. غير مؤرخ: المحفوظات أيضاً ج ١ ص ٥ - ٦
  2. محمد علي باشا إلى عبدالله باشا ٥ صفر و۷ جمادی الأولى سنة ١٢٣٩ (۱۸۲۳): المحفوظات أيضاً ج ١ ص ٥۸ و٥۹
  3. محمد علي باشا إلى عبدالله باشا ٣ جمادى الآخرة سنة ١٣٦١ (۱۸٢۹): المحفوظات أيضاً ج۱ ص۷۲
  4. محمد علي باشا إلى عبدالله باشا غرة شعبان ١٣٦١: المحفوظات أيضاً ج۱ ص۷۲
  5. المحفوظات نفسـها ج۱ ص۱۰۱
  6. محمد علي باشا إلى محمد رؤوف باشا ٢٢ ربيع الأول سنة ۱۳٨٨ (۱۸۲۸- ۱۸٢۹): المحفوظات كذلك ج ١ ص ١٠٧
  7. المحفوظات أيضاً ج۱ ص ۱۰۸-۱۰۹

٤ - بشير بين السلطان والعزيز