صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/51

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
الفصل الرابع
العزيز والسلطان
الحرب الشامية الأولى
۱۸۳١ - ١٨٣٣


محمد علي

وكان قد ضاق صدر المصريين عام ١٨٠٥ من إهمال الولاة وجشعهم وعربدة العساكر وطمعهم وفساد القضاة وانحطاطهم. فاجتمع زعماؤهم وعلماؤهم وجمهور من العامة في الثاني عشر من أيار في بيت القاضي ونادوا «يا رب يا متجلي أهلك العثمانلي». وفي اليوم التالي قاموا إلى دار محمد علي وقالوا له: «إننا لا نريد هذا الباشا والياً علينا» فسأل «من تريدون» فأجابوا بصوت واحد «لا نرضى إلا بك وتكون والياً علينا بشروطنا لما نتوسمه فيـك من العدالة وحب الخير».

هذه شهادة لها أهميتها ولا سيما وأنها صدرت عن شخص عُرف بابتعاده عن العزيز وعدم مطاوعته له أعني المؤرخ المعاصر الشيخ عبد الرحمن الجبرتي. والواقع أن محمد علي كان ذكياً عاقلاً بعيد النظر واسع الحيلة صديقاً صدوقاً باراً برفاقه محباً شفوقاً مسلماً مخلصاً في دينه يقوم بأداء فرائضه بكل نشاط.

ووقع الزعماء والعلماء عريضة رفعوها إلى الباب العالي وألحوا فيها بتعيين محمد علي والياً عليهم. وعاونهم في ذلك سفير فرنسة في الآستانة. فكان لهم ذلك. وتقلد العزيز الحكم بإرادتهم فعاونوه في السنوات الأولى في تثبيت دعائم حكمه وتذليل العقبات التي وضعها في