صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/48

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٤٢
بشير بين السلطان والعزيز

ولكن الشيخ عبدالله الجرار لم يقبل بذلك نظراً لما بينه وبين أسعد بك طوقان من المناظرة والخلاف. فكتبوا إلى الباشا وأجابهم بالقبول قائلاً: «لقد أمرنا ولدنا أسعد بك أن الذي يريد من مشايخ جبل نابلس الدخول بالطاعة والانقياد لطرفنا يعرض عنه لدينا وإن شاء الله تعالى كل من طرق بابنا لا يشاهد إلا جبر الخاطر»1. وهكذا فإن جميع هؤلاء الزعماء انقادوا للطاعة ما عدا الشيخ عبدالله الجرار والشيخ حسين عبد الهادي. فانتهز أسعد بك طوقان الفرصة وأوغر صدر الباشا على هذين الزعيمين. فأرسل الباشا يستدعيها إليه فذهب الشيخ حسين عبد الهادي إلى عكة وقدم الطاعة وعاد إلى صديقه الشيخ عبدالله الجرار يخبره بغضب الباشا. فامتنع هذا عن الذهاب إلى عكة والتجأ إلى حصن له في سانور كان قد شیده أحد أجداده الشيخ محمد الدائر وعمد به في وجه عثمان باشا الكرجي والي دمشق سنة ١٧٦٤. ثم أضاف الشيخ يوسف الجرار إلى هذا الحصن جناحاً خاصاً وزاده مناعة ونقش فوق بابه:

کن رزيناً إذا أتك الرزايا
وصوراً إذا أتتك مصيبة
فالليالي من الزمان حبالى
شتلات يلدن كل عجيبة

وخرج على أحمد باشا الجزار واعتصم بهذا الحصن نفسه فحاصره الجزار فيه ولم يقو عليه. وعندما طلب عبدالله باشا إلى الشيخ عبدالله الجرار أن ينقاد إلى الطاعة ويسلم الحصن إليه أبى وأغلق الأبواب في وجـه رسل الباشا. فأمر الباشا عندئذ بحصار سانور ودکها دكاً وأرسل المدافع والقنابر وبدأ الحصار ودام مدة دون جدوى. وتكاثر المقاتلون من جبل نابلس وحاصروا عسكر الباشا فاضطر هذا أن يستغيث باللبناني الكبير وكتب إليه بذلك2.

فجمع الأمير اللبناني رجاله إلى بتدين في أواخر السنة ۱۸٢٩ وسلّم الأحكام وفصلها إلى ابنه أمين. ثم قام ومعه ولده خليل وحفيده محمود إلى صيدا فعكة فوصلها في أول السنة ۱۸۳۰ واستقبل استقبالاً رسمياً بالعساكر والموسيقى ونزل في قصر البهجة خارج عكة. ثم قام بأربعة أنفار من عبيده إلى المدينة ودخل على الوزير فاستقبله استقبالاً حاراً. وفاوضه في أمر القلعة وحثه على أخذها وألح عليه في ذلك قائلاً: «إن لم آخذ هذه القلعة أقتل نفسي»


  1. عبدالله باشا إلى أحمد آغا النمر وكيل متسلم نابلس ٢٦ ربيع الآخر سنة ١٣٩٦: تاريخ جبل نابلس لإحسان النمر من ٢٤٠-٢٤١
  2. لبنان في عهد الأمراء الشهابيين ج ۳ ص ۸۰۰-۸۰۲