الرحالة السويسراني داود بوركهاردت في أوائل القرن الماضي وجعله يفرد له باباً خاصاً في رحلته إلى الأراضي المقدسة.
هذا ولم يكن الملا إسماعيل صاحب الحول والطول في حماة سوى كبير الدلاتية وكان قد «قوي في المال وصار عنده عدة شراقات» بلفظ الأمير حيدر أحمد الشهابي المعاصر.
ولنا في سيرة مصطفى آغا بربر دليل آخر على ما ذهبنا إليه. ولد مصطفى ابن يوسف القرق في طرابلس سنة ١٧٦٧ فتلقب بربراً وكان له أخ يقال له محمد عزرائيل! وتوفي أبوهما وهما قاصران فأخذتهما والدتها وسكنت بها قرية برسا من الكورة السفلى بالقرب من طرابلس. ولما شب مصطفى خدم الأمير علي الأيوبي في الكورة ثم الشيخ رعد صاحب الضنية وتردد على المشايخ بني زخريا في القويطع. ثم خدم الأمير يوسف الشهابي حتى السنة ١٧٨٨. وبعد هذا عاد إلى طرابلس وانخرط في وجاق الإنكشارية تحت رئاسة زعيمهم مصطفى آغا الدلبة. وكان بين كبيرهم هذا وبين إبراهيم آغا سلطان زعيم الإنكشارية السابق نفور لأنه أتى بفئة من الأرناؤوط كانت تضر بالبلد. فهاج الأهلون وثاروا وكان مصطفى آغا قد احتشد بعضاً من الشبان فقاتل بهم، ثم سار بزمرته إلى عكة وأقام بخدمة الجزار فأقامه في بيروت. ولما علم أن عبدالله باشا العظم تولى طرابلس وأكثر فيها الجور والاعتساف استأذن وجاء إليها فطرد عبدالله باشا منها وعقد العهود مع بعض الشبان وبعث بأحدهم محمد آغا القندقجي لينام في القلعة عند المحافظين فذهب وربط حبلاً بمدفع ودلاه من شراقة القلعة. وكان بربر وجماعته قد كمنوا إلى جوانبها فأتوا الحبل ولما صاروا كلهم في أعلى القلعة هجموا على المحافظين وقتلوهم وأخذوا يطلقون المدافع علامة على قتلهم. وتولى بربر القلعة. فهرب إبراهيم آغا سلطان واستقل مصطفى آغا الدلبة وما زال إلى أن توفي فصار بربر هو الحاكم بأمره، وفي غضون ذلك أنعمت الدولة بولاية طرابلس على أحمد باشا الجزار والي صيدا فأرسل الجزار أمراً بتوجيه منصب قائمقامية طرابلس لعهدة بربر آغـا. وسنة ١٨٠٨ أحيلت ولاية طرابلس إلى عهدة كنج يوسف باشا فصدر أمره إلى برب أن يسلم القلعة لعسكر الدولة ويستمر حاكماً في المدينة فأبى بربر واغتاظ الباشا وجاء بالجيوش فحل في ظاهر البلدة. ونادى بربر بأهل البلد بأنه سيحصر في القلعة وأن الباشا ينتقم فهربوا إلى الجبل ودخل الباشا البلدة ونهبها وهدم بعض الدور ثم حصر القلعة أحد عشر شهراً حتى نفد الزاد وانهدم بعض سور القلعة نفر بربر منها وسار إلى صيدا فاستقبله واليها بالإكرام. ثم ورد الفرمان العالي بقتل كنج يوسف لأنه أضر بطرابلس وتقررت الولاية