طالباً العفو. فطيب الأمير قلبه وخلع عليه. ثم استأذن الشيخ وعاد إلى المختاره فبلغه أن الأمير تكدّر من كثرة الرجال الذين اصحبهم معه إلى بتدين. فحضر مرة ثانية بنفر قليل. فطيب الأمير قلبه ووعده بالعود كما كان. ثم كتب إعلاماً برجوع أصحاب الشيخ إلى أوطانهم وإلا فيقعون تحت الغضب. فانفضوا عنه. ولما فارقته أحلافه خاف ونهض إلى البقاع ليلاً بمايتي نفر ومعه الأمراء الأرسلانيون ثم انطلق إلى حوران ونزل عند العرب الفحلية والمسلوط. فضبط الأمير أرزاقه. وبعد ذلك بقليل عاد الشيخ بشير إلى إقليم البلان فبعلبك وعكار. وأرسل يسترضي العماديين فارتضوا واتفقوا مع الجنبلاطيين على إرجاع الشيخ إلى المختارة. وحزَّبوا معهم جماعة من الأمراء الشهابيين واللمعيين، وكتبوا إلى الشيخ بشير يستدعونه فنهض من عكار إلى كسروان فالمتن فالشوف ومعه عدد كبير من الرجال من الحزبين الجنبلاطي واليزبكي. ووصل إلى المختارة في أوائل السنة ١٨٢٤. ثم هجم برجاله على بعقلين فبتدين واقتتل مع عسكر الأمير ثلاثاً أهمها موقعة السمقانية1. ولما لم يفز بطايل انهزم بمن معه إلى اقليم البلان. ولدى وصوله إلى قرية مجدل شمس افترق الشهابيون عنه إلى حمص أما هو وأعوانه الجنبلاطيون واليزبكيون فإنهم ذهبوا إلى حوران. فأدركهم عسكر دمشق وأخذ قائده يخادعهم بأن يسلموا لوالي دمشق فانخدعوا. ولدى وصولهم إلى دمشق أمر واليها بتقطيع الشيخ علي العماد بالسيوف وطرح الباقين في السجن. وعندئذ طلبهم والي صيدا عبدالله باشا من والي دمشق فأرسلهم هذا إلى عكة وأمر وزيرها بحبسهم، ثم رأى أن يهدد بشيراً فأخرج الشيخ بشيراً من الحبس وأرسل له حـلة وطيب قلبه. فبلغ الأمير بشيراً ذاك. فكتب إلى العزيز يخبره بواقع الأمر، فكتب العزيز إلى عبدالله باشا أن يقتل الشيخ بشيراً ففعل ثم قتل الشيخ أمين العماد أيضاً. وتوفي ولدا الشيخ بشير قاسم وسليم في الحبس في عكة. وهكذا تشتت الجنبلاطيون وضبط الأمير جميع محاصيلهم2.
ورأى الأمير الشهابي الكبير أن يوجد من يمثل السلطة المركزية في بعض الجهات النائية من البلاد ليشعر الأهلون بها ولكي يراقب هو عن كثب سلوك رجال الإقطاع ويحد من سلطتهم. فجعل من ابن أخيه الأمير عبدالله حسن نائباً عنه في كسروان. فكان هذا ينقل أوامر الأمير إلى رجال الإقطاع ويسهر على تنفيذها ويساعد في حل المشاكل ويسهل جباية