خروجه. وأعطى السفير بسخاء في أثناء وجوده بالآستانة فقدم الهدايا الثمينة لرجال البطانة ووزع الأوسمة العديدة على رجال الجيش ويقال أن عددها بلغ أربعة وعشرين ألفاً ونوه بالتآخي القلبي بين جنود القيصر وبحارته وبين عساكر السلطان وأعلن أن مهمته تنحصر في الإشراف على جلاء المصريين وفي الجنود الروس حالما يقطع المصريون في جبال طوروس.
وكان السلطان قد طلب إلى أخيه القيصر عقد تحالف دفاعي يكون في صالح الطرفين فلبى القيصر الطلب وأوعز إلى أليكسيس أن ينجز هذا العمل. وبعد مفاوضات طويلة تم هذا التحالف في بيت محمد خسرو باشا ووقعه في هنگار إسكلەسى في الثامن من تموز أليكسيس أورلوف وبوتانييف عن الجانب الروسي ومحمد خسرو باشا وأحمد فوزي باشا والريس أفندي عن الجانب العثماني. وقضت شروط هذه المعاهدة بسلم وتحالف دائمين بين روسية وتركية وبدفاع مشترك عن حدود البلدين ضد أي هجوم من الخارج واحترام ما يتعلق باليونان من معاهدة أدرنة وباستعداد روسية تأييد استقلال تركية وإسداء المعونة البرية والبحرية لها إذا طلبت ذلك مرة ثانية وبدوام هذه المعاهدة ثمان سنوات. وأهم ما جاء فيها شرط سري قضى بإقفال «الدردنيل» في وجه جميع السفن الحربية الأجنبية وعدم السماح لها بالدخول مهما كان عذرها وذلك في مقابل تنازل روسية عن المعونة الحربية المتوجبة على تركية، وليست هنالك أية إشارة إلى إقفال البوسفور، وبعد توقيع هذه المعاهدة بيومين بدأت القوات الروسية تنسحب من العاصمة التركية.
ورأى الريس أفندي (وزير الخارجية) أن يعلم السفارة البريطانية بمحتويات المعاهدة بصورة غير رسمية. فثار ثائر بالمرستون واتصل بزميله الإفرنسي فاحتجا على هذه المعاهدة في بطرسبرج والآستانة وذكرا في احتجاجها إلى الكونت نسلرود كبير وزراء روسية أن المعاهدة غيرت في علاقات روسية بتركية فصبغتها «بصبغة جديدة» لا يسع بريطانية وفرنسة أزاءها إلا أن تضربا صفحاً عنها وتعملا كما لو كانت هذه المعاهدة غير موجودة. فأجابها نسلرود بأن المعاهدة دفاعية محضة وأنه لا يقصد منها إلا الدفاع عن كيان الدولة العثمانية. ثم تناول تبدل العلاقات بين الطرفين المتعاقدين فقال إن المعاهدة استبدلت علاقات مبنية على العـداء والريبة بغيرها ملؤها الإخلاص والمودة وأضاف بأن القيصر مستمسك بتعهداته الجديدة وسيعمل بموجبها کما لو لم تعلن الحكومتان تصريحاتهما الأخيرة.
وأباح نيقولاوس الأول بما في قلبه إلى البرنس مترنيخ فوافقه على اتجاهه الجديد في سياسته نحو تركية ولكنه رأى أن ظاهر المعاهدة فاق نفعها الحقيقي وبات ينتظر فرصة تمكنه من