هذا أدعى إلى الكرم. وأبعث على المحاكاة. ولا شك أن هذا في مسالك التنفس أفعل، لأنه يفهم الكريم من طريق خفى كذلك - أن في ذلك تفعه الشخصي فإنه سيلق جزاء ما يقدمه من خير مهما كان قويا، ومهما كان المحسن إليه ضعيفا. بل طلب في خاتمة الكتاب أن يبلغ المكافئ مبلغا من السمو لا ينتظر معه مكافأة ولا جزاء، فيكفيه شعوره الجميل بأن له ديونا يتحملها خيار الناس ولو لم يؤدوها.
وقد قص علينا في هذا الباب إحدى وثلاثين قصة، وقع بعضها في مصر في عهد المؤلف، وبعضها في غير عهده، وبعضها في الشام، وبعضها في العراق، إلى غير ذلك. وقد جمعها كلها حول محور واحد: هو حسن الصنيع بالمكافأة على الجميل بالجميل.
ثم أتبع ذلك بقسم آخر عنوانه المكافأة على القبيح وهو يتضمن إحدى وعشرين قصة تدور حول مكافأة القبيح بالقبيح. وهو مكمل للقسم الأول. فإذا كان القسم الأول يستحث الإنسان على فعل الخير توقعا للمجازاة بالخير، فالقسم الثاني يحذر من فعل الشر خوفا من سوء المجازاة بالشر.