صفحة:المكافأة (1941).pdf/10

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
(و)

وكلا الأمرين يتجلى في حياة أحمد بن يوسف: عارف بالدنيا خبير بشئونها، معرض من حين لآخر لمصادرة أمواله، وضياع ثروته، لولا احتماء بوال أو أمير، أو مكافأة على جميل.

في وسط هذه المظالم الفتاكة والمفاسد المنتشرة، كانت تصدر من بعض أشخاص نبلاء أعمال نبيلة تلمع في هذا الجو الحالك، وتخفف على الناس ويلاتهم ومصائبهم، وعلى قدر هذه الشدائد، تكون الإشادة بالمحامد. ففقر العرب في الجاهلية، و بؤس أهلها، جعل الكرم يحل أسمي مكان بين الفضائل، فامتلأ أدبهم بالتمدح بالكرم، وإطعام الطعام، ونحر الجزر، وقرى الضيفان وما إلى ذلك.

وفي عصر مؤلفنا هذا، كانوا يتشوفون في ظلام الظلم إلى الأنوار القليلة المضيئة من أعمال النبل: كإغاثة ملهوف، ونجدة بائس، و إعزاز کریم ذل، و إمداد غنى افتقر.

وقد كان أحمد بن يوسف وأبوه يوسف بن إبراهيم ممتازین من هذه الناحية، كلاهما مع غناه و ثروته ذو مروءة وجدة، يشعر أن المال غاد وراح، وأن المرء عرضة في كل وقت للفقر، فلا بد من أن يتسلح بالمروعة، ينقذ بها البأس من بؤسه، لعله يكون يوما في مثل