صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/94

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

أسقفًا على ساسمة فنازيانزة، وأراده ثيودوسيوس أسقفًا على العاصمة. وفي العاشر مِن كانون الثاني سنة ٣٨١ أردف ثيودوسيوس براءَته هذه الأُولى ببراءةٍ ثانية فصَّل فيها العقيدة الأرثوذكسية الكاثوليكية كما كان قد أَقَرَّهَا المجمع المسكونيُّ الأول في نيقية، وأبان أن الهرطقة1 في نظر دولته شملتْ أقوالَ فوتيانوس وآريوس وأفنوميانوس. وفي الثاني من أيار من السنة نفسها حرم جميع المسيحيين المرتدين إلى الوثنية من حق الوصية والوصاية، وفي الثامن منه ضرب المنيكيين ضربة قاضية.

وكان ثيودوسيوس قد أعلن رغبته وهو لا يزال في ثيسالونيكية في عقد مجمعٍ مسكونيٍّ عامٍّ؛ للنظر في أُمُور الكنيسة جمعاء، فنفذ أمنيته هذه في ربيع السنة ٣٨١، وأمَّ القسطنطينية عددٌ مِنْ أعاظم رجال الكنيسة، بينهم ملاتيوس بطريرك أنطاكية، وغريغوريوس النازيانزي بطريرك القسطنطينية فيما بعد وتيموثاوس بطريرك الإسكندرية، وكيرلس أسقف أوروشليم، وأمفيلوشيوس أسقف إيقونية، وبيلاجيوس أسقف اللاذقية، وذيذوروس أسقف طرسوس، وأكاكيوس أسقف حلب، وكثيرون غيرهم بلغ مجموعهم مائة وخمسين.

وكان دماسوس بابا رومة قد ألح بوجوب انعقاد هذا المجمع المسكوني في رومة نفسها، ولكن ثيودوسيوس الإمبراطور أَبَى وأَصَرَّ على عَقْدِهِ في القسطنطينية، فلم تشترك رومة في أعمال هذا المجمع ولم يكن هنالك مَنْ يُمثلها، ولكنها وافقت على جميع قراراته فيما بعد واعتبرتْه مجمعًا مسكونيًّا قانونيًّا. وكان ملانيوس البطريرك الأنطاكي قد اشتهر بجِهَاده ضد الآريوسية وبعلمه وفضله وتَقْوَاه، فأجمع الأعضاء عليه رئيسًا، فسام غريغوريوس النازيانزي أسقفًا على القسطنطينية، وتُوُفي في أواخر أيار، فانتخب

  1. وكانت قد جرت العادة منذ عهد قسطنطين الكبير أن يفرِّق بين الكثلكة النيقية ecclesia catholica وبين الهرطقة Haeretici.
93