صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/92

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

السنة ٣٨٢ القائد ساتورنينوس إلى القوط في الشمال ليفاوضهم في أمر الصلحز وكان ساتورنينوس من طراز ليبانيوس وغريغوريوس النازيانزي دمث الأخلاق وديعًا معتدلًا رزينًا، فأقره القوط على مطالبه ووقَّع الطرفان في الثالث من تشرين الأول مُعاهدة صُلح دائمة، وأهم شروط هذه المعاهدة أن الإمبراطور الروماني أذن بإقامة دولة قوطية بين الدانوب وجبال البلقان شرط أن تبقى حُصُون هذه المنطقة رومانية. وتعهد بتقديم معونة مادية في مقابل انخراط القُوط في الجيش الرومانيز والواقع الذي لا مَفَرَّ من الاعتراف به هو أن ثيودوسيوس آثر، بعد هذا، العنصرَ القوطي الألماني على غيره من العناصر في تعبئة جيشه، فغدا الجيشُ ألمانيًّا مع مرور الزمن بَعْدَ أَنْ كان رومانيًّا صرفًا في أيام الفُتُوحات.

المجمع المسكوني الثاني:وكان والنس قَدْ أَظْهَرَ تحيزًا شديدًا لآريوس والآريوسيين، فنفى جميعَ الأساقفة النيقيين وقَهَرَ رهبانهم على اللحاق بالجيش وقتل وأحرق، فلما سقط في أدريانوبوليس في السنة ٣٧٨ ورضي ثيودوسيوس أن يتسلم الحكم (٣٧٩)، اشتد التنافُرُ بين الآريوسيين وبين النيقيين وعمَّ جميع الأوساط الشعبية رجالًا ونساءً. ومن ألطف ما جاء في المراجع في وصف تَدَخُّل «العوام في علم الكلام» قول غريغوريوس أسقف نيسة اليونانية: «والجميع في الشوارع والأسواق وفي الساحات وعند مفترق الطرق يتكلمون فيما لا يفقهون، فإذا سألت أحدًا من الباعة: ماذا أدفع؟ أجابك: هو مولود أو هو غير مولود، وإذا أنت حاولتَ أن تعرفَ ثمن الخُبز أجابوك أن الآب أعظم من الابن، وإن سألت هل الحمَّام جاهز سمعت جوابًا أن الابن جاء من العدم1

ويرى رجالُ الاختصاص أن ثيودوسيوس عَزَمَ منذ أن تسلم أَزِمَّة

  1. Patrologia Graeca, XLVI, 557.
٩١