صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/91

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

عضالٌ أَشْرَفَ به على الموت. فطلب الاعتماد ليغسل جميع ذنوبه قبل ملاقاة ربه. وتعمد على يد أخوليوس أسقف ثيسالونيكية عمادة نيقاوية أرثوذكسية. ثم تماثل وتعافى. فعاد يعالج مشكلة الجيش. فأمر بتجنيد الفلاحين والعمال، وبملاحقة أبناء الجنود المختبئين في مكاتب الدولة، وبإنزال أشد العقاب بمن يقطع إبهامه للتخلص من خدمة العلم. وأمر كذلك بمن كان قد دخل في الجيش من القوط أن يُنقل من البلقان إلى الشرق، وباستبدال هؤلاء بجنود شرقيين يحلون محلهم في البلقان. وقامت فرقة من الجنود القُوط إلى الشرق، فعبرت المضايقَ ووصلت إلى ليدية، ولكنها اشتبكت فيها مع فرقة شرقية كانت قد قامت من مصر لتحل محل الفرقة القوطية أو غيرها في البلقان. وفيما كان ثيودوسيوس يعدُّ العدة على هذا النحو تنافر القوط في البلقان وتنازعوا. واشتد الخصام بين جماعة أثناريكوس وجماعة فريتغرن. وتُوُفي فريتغرن في صيف السنة ٣٨٠، فخف القتال في جنوبي البلقان. وجاء غراتيانوس إمبراطور الغرب في الوقت نفسه إلى سرميوم وفاوض القوط في الشمال وهادنهم على أن ينتظم أبناؤهم في خدمة الجيش الروماني في مقابل تقديم الزاد اللازم للعشائر. فهدأت الحال وقام ثيودوسيوس من ثيسالونيكية إلى القسطنطينية فدخلها دخول المنتصر في الرابع والعشرين من تشرين الثاني سنة ٣٨٠ وجعلها مقره الرسمي. وفي الحادي عشر من كانون الثاني ٣٨١ أَطَلَّ عليه في القسطنطينية أثناريكوس نفسه مقصوص الجناح أَشَلَّ الساعد لما كان قد حل بجماعته من الشقاق والخصام، فرَحَّبَ به ثيودوسيوس وبجَّله وعظَّم قدره، ولكنه تُوُفِّيَ في الخامس والعشرين من الشهر نفسه، فأمر الإمبراطور بدفه دفنًا ملوكيًّا. وفي هذه السنة نفسها وصلت طلائعُ الهون إلى الدانوب فردها القوط ببسالة ورباطة جأش. وشعر الطرفان القوط والرومان بخطر الهون. فباتا أكثر

استعدادًا للوصول إلى تفاهُم دائم بينهما. فأرسل ثيودوسيوس في صيف

٩٠