صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/76

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

شابور ذو الأكتاف1 : وتوفي هرمز الثاني ابن نرسي في السنة ٣٠٩ بعد الميلاد وأوصى بالملك لشابور ابنه وهو لا يزال جنينًا. فدام السلم بين فارس وبين رومة زمنًا طويلًا. وشب شابور الثاني وتسلم أزِمّة الحكم، فهاله انتشار النصرانية وعطف قسطنطين عليها خصوصًا لأنها كانت قد انتشرت بين رعاياه في بابل وطيسفون وجند شابور وآشور وغيرها ولأن تيريداتس الثالث ملك الأرمن كان قد تقبلها في السنة ٣٠١، فتطورت الخصومة بين شابور وزميله الروماني وأصبح النزاع بينهما نزاع عقائد بعد أن كان نزاعًا ماديًّا استراتيجيًّا كما سبق أن أشرنا . وهكذا فإننا نرى شابور يعقد مجمعًا زرادشتيًّا يضم أئمة الدين الفارسي في السنة نفسها التي عقد فيها قسطنطين الكبير المجمع المسكوني الأول، فيقر نصًّا رسميًّا نهائيًّا لكتاب الفستا، ونراه ينزل بنصارى بلاده بين السنة ٣٤٠ والسنة ٣٧٩ اضطهاداتٍ قاسيةً واسعةَ النطاق لأنهم دانوا بدين قيصر وشاطروه المحبة والعطف والولاء2.

وكادت الحرب تقع قبيل وفاة قسطنطين الكبير في السنة ٣٣٧ كما سبق أن أشرنا فقطع ذو الأكتاف الحدودَ في السنة ٣٣٨، وحاصر نصيبين. ثم عاد إليها في السنة ٣٤٦، وفي السنة ٣٤٨ جَرَتْ موقعة ليلية في منطقة سنجار. وفي السنة ٣٥٠ طلب ذو الأكتاف تغرانوس السابع ملك أرمينية للمفاوضة فأسره ومضى به إلى بلاده، ويقال إنه سمل عينيه لأنه كان نصرانيًّا مثل سلفه. وفي السنة نفسها مشى ذو الأكتاف إلى نصيبين للمرة

الثالثة وشارف أسوارها مستعينًا بالفيلة التي استقدمها من الهند. ولكنه

  1. «وقصد اليمامة وأكثر في أهلها القتل، وغوَّر مياه العرب، وسار إلى قُرب المدينة، وفعل كذلك وكان ينزع أكتاف رُؤَسَائهم ويقتل، فسموه شابور ذا الأكتاف» (ابن الأثير، ج١، ص٢٢٩، الطبعة المنيرية).
  2. Acta Martyrum et Sanctorum, II, 136, 143.
٧٥