يعلو رأسه التاج ويردِّي جسمه الأرجوان، وقد اعتزل قومه وعظم قدره وغشيتْ جلالته الأبصار، فخشعتْ أمامها العيون وتصاغرت عندها الهمم لا يقوم بين يديه إلا كل متهيب ناكس مطرق، وجمع الإمبراطور في شخصه شقي السلطة المدنية والعسكرية، وأصبح مصدر التشريع كما أصبحت أوامره التفسيرات الوحيدة لِمَا يصدر عنه من تشريعٍ. ولما كانت جميع أُمُور الدولة في عُرف الرومان تخضع لسيطرة الحكام، كان الإمبراطورُ بطبيعة الحال رئيسَ رجال الدين أيضًا وحبرًا من أحبارهم[1].
وجاء على رأس الإدارة المدنية مجلسٌ استشاريٌّ أعلى[2] مؤلف من رؤساء دوائر الدولة من رئيس الخصيان أقرب المقربين إلى الإمبراطور[3]
ومن قومس الإحسان والإنعام[4] وقومس الأملاك الخاصة[5] ومن قسطور
القصر المقدس[6] أمين القوانين، ومن رئيس ديوان الرسائل[7]. وكان هذا يشرف على الكتبة والبريد والحرس ودور الصناعة والشرطة، وكان بين هؤلاء رجال الأمن العام[8].
وكان الإمبراطور ديوقليتيانوس قد أقصى الشيوخَ عن إدارة الولايات وجعلها جميعها تابعة له وضاعف عددها ليقلل مواردَ حُكَّامها وأهميتهم
فجعلها مائة وعشرين بدلًا من خمسين. وجعل على رأس كُلٍّ منها رئيسًا[9] يشرف