صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/65

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

تمثالٌ للإمبراطور وتمثال آخرُ لوالدته هيلانة. وخص قسطنطين المسيحيين بكنيسةٍ كبيرة أسماها كنيسة الحكمة الإلهية Hagia Sophia. ولم تكن هذه كنيسة الحكمة الإلهية الحالية. بل كانت بازيليقة احترقت مرتين فاندثرت. وأقام قسطنطين في هذه المنطقة نفسها مجلسًا للشيوخ وقصرًا للبطريرك.

ولا نعلم بالضبط متى خطط قسطنطين عاصمته الجديدة. وربما كان ذلك بين السنة ٣٢٨ والسنة ٣٢٩ ولكننا نعلم أن تدشينها جرى في الحادي عشر من أيار سنة ٣٣٠ وأن الأساقفة النصارى باركوا القصر وأقاموا صلاة خصوصية في كنيسة الحكمة.

ودعا قسطنطين عددًا من شيوخ رومة القديمة وعددًا كبيرًا من كبار الأغنياء في بلاد اليونان وآسية للإقامة في العاصمة الجديدة. وأغرى آلافًا من رجال الفن والصناعة والتجارة للغرض نفسه. ووزع القمح والزيت مجانًا على السكان. وخصص القمح الذي كان «يُجبى» من مصر للعاصمة الجديدة. وجعل قمح قرطاجة لمئونة العاصمة القديمة. وأصدر أمرًا منح بموجبه المدينة الجديدة لقب «رومة الجديدة» ولكن الشعب أطلق عليها اسم القسطنطينية1.

ولا يختلف اثنان في أَنَّ نقل العاصمة إلى هذا المقر الجديد كان في حد ذاته عملًا تاريخيًّا عظيمًا؛ لأنه أعطى الدولة الرومانية حصنًا منيعًا تصمد فيه فتصد هجمات البرابرة وتحفظ تراثًا مدنيًّا كبيرًا ولأنه أمدَّ النصرانية

بعاصمةٍ تنطلق منها إلى جميع الجهات، لا سيما وأن رومة كانتْ لا تزال

  1. Maurice, J., Origines de Constantinople, Paris, 1904.
    Brehier, L., Constantin et la Fondation de Const., Rev. Hist., 1915, 238.
    Emereau, C., Notes sur les Origines de Const., Rev. Arch. 1925, 1–25.
    أومان: الإمبراطورية البيزنطية، تعريب الدكتور مصطفى طه بدر، الفصل الأول ص٣–١٣.
٦٤