صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/37

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.

يظهر تدمير الكنيسة واخفاءَ معالمها وتحقير المؤمنين والهبوط بهم الى اسفل الطبقات. وهكذا نراه في الرابع والعشرين من شباط سنة ٣٠٣ يأمر بمنع الاجتماعات المسيحية وبتخريب الكنائس وحرق الكتب وبنكران الدين المسيحي، موعداً الاشراف المسيحيين والوجوه والاعيان بالخلع والاذلال، مهدداً الوضعاء بالعبودية المؤبدة. ثم عاد في السنة نفسها فأمر بسجن الكهنة وباعدامهم ان هم ابوا ان يشتركوا في الذبيحة الوثنية. وزاد فأَمر بوجوب نكران الدين الجديد. فكانت مذابح ومذابح لم تنجُ منها الا الاقاليم الغربية التي كانت آنئذ في عهدة قسطنس والد قسطنطين الكبير. ويقال ان الفضل في ذلك يعود الى زوجته الاولى هيلانة التي كانت قد تقبلت النصرانية قبل زواجها منه. ويقول القديس يوسيبيوس المعاصر ان الرؤوس بُترت في العربية (البادية المتاخمة للشام)، وان السيقان قطعت في قبدوقية، وان المؤمنين علقوا على الاخشاب بين النهرين واشعلت تحتهم النيران. ومما يقوله ايضاً ان عمّال ديوقليتيانوس قطعوا الانوف والآذان والالسن وغرزوا القصب تحت الاظافر ودقوا الحديد في البطون.

والثابت الراهن في عرف البشر أَجمعين ان الاضطهاد يقوي النفوس ويشدد العزائم، فيثير في المؤمن صاحب العقيدة شعور التحدي ويحمله على التفنن في اساليب الوقاية والدعاية ويزوده بمثل عليا يفاخر بها ويسعى لتحقيقها. وليس ابلغ اثراً في تفتير الحماسة الدينية وتحويل الغيرة على الدين الى تنازع على المراكز واحداث الشقاق من تكريس الدين سياسياً وجعله ديناً رسمياً.

النظام والتنظيم : وكان السيد كما سبق ان اشرنا قد انتقى الرسل الاثني عشر والحق التلاميذ الاثنين والسبعين. وفي السنوات الاولى بعد وفاته تذمر اليونانيون اليهود المسيحيون من العبرانيين المسيحيين اليهود «ان

٣٦