صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/36

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.

اللاهوتي الفيلسوف الذي سجن في قيصرية فلسطين وعذب فيها ومات من جراحه في صور (٢٥٤)، والكسندروس اسقف اورشليم، وبابيلاس اسقف انطاكية، ونسطوريوس أسقف مجدّو. ولاحق الامبراطور فاليريانُوس (٢٥٣–٢٦٠) الزعماء المسيحيين والكهنة فأمر هؤلاء في السنة ٢٥٧ ان يقدموا الذبيحة للآلهة الوثنية وحرّم على المسيحيين الاجتماع في المقابر ومحلات العبادة، واكد تنهم ان فعلوا أعدموا اعداماً. فدُهم القديس ترسيسيوس وجماعة من المؤمنين وهم يصلون في سرداب سلارية، فماتوا خنقاً. واستشهد سيكستوس اسقف رومة وكبريانوس اسقف قرطاجة. واستشهد في فلسطين الاخوة الثلاثة، وفي قبدوقية الطفل كيريلوس، وفي الاسكندرية عدد كبير من المؤمنين.

واعظم الاضطهادات وافظعها ما جاء منها على يد ديوقليتيانوس الامبراطور (٢٨٤–٣٠٥ب.م) ويصعب القول في حقيقة اسبابها. فلم يكن لهذا الامبراطور شيء مِن شذوذ نيرون او دوميتيانوس، ولا كان ظنوناً ولا قاسياً ولا متديناً او داعياً لدين جديد كأورليانوس. وقد انقضى على حكمه عشر سنوات قبل ان بدأَ بالاضطهاد. وليس لدينا من النصوص ما نستطيع معه ان نتوسع في الاجتهاد مطمئنين. ولكن هنالك امران لا بد من الاشارة اليهما: اولهما ان ديوقليتيانوس الامبراطور أَراد ان يعيد الى الامبراطورية وحدتها ومناعتها، والثاني: انه كان يعاني الصعاب في وقف البرابرة عند الحدود وفي كبت عدوه ملك ملوك الساسان. ولعله رأى في انتشار النصرانية عاملَ تفكُّك في الداخل وخطراً على سلامة الدولة وخصوصاً لان النصرانية كانت قد دخلت فارس وأن المانوية كانت تمتُّ إليها بصلة قوية.

ولم يكن بامكان ديوقليتيانوس ان يبيد جميع المسيحيين ويقطع دابرهم لانه لو فعل لجعل مناطق ومناطق في الشرق قفراً من السكان، فآثر فيما

٣٥