من آلهة، فمالوا الى تكريم الآلهة الشرقية. فاجتازت الديانة المسيحية من بلاد الى بلاد في سهولة ويسر. ولم تتعرض الديانة الرومانية القديمة لمسلك الشخص او لسيرته الخاصة، ولم تَعِد العبادَ بالسعادة المستقبلة. وانشق المجتمع الروماني كما سبق ان اشرنا الى طبقتين متباغضتين طبقة المتمولين اصحاب الاراضي الفسيحة وطبقة الارقاء المستعبدين والفقراء المساكين. وكثر عدد هؤلاء وساءَت احوالهم وثاروا وتمردوا. فجاءهم بولس الخيَّام الطرسوسي منادياً بتعاليم سيده، معلناً أبوّة الله وأخوّة البشر، مردداً تعاليم السيد: «تعالوا اليَّ يا جميع المتعبين.» فكان لكلامه اثر بليغ وفعل عظيم في قلوب الرومانيين التُعابى.
الدولة الرومانية والنصرانية :وكانت الدولة الرومانية قد بسطت سلطتها على جميع انحاء حوض البحر المتوسط وربطت أجزاء امبراطوريتها بشبكة واسعة من الطرقات وفرضت شرائعها ولغتها، فبلغ بذلك عالم البحر المتوسط درجة من التوحيد لم يبلغها من قبل. وبهذا التوحيد سهلت رومة انتشار الدين الجديد. ولكن كبار الرومانيين لمسوا في تعاليم هذا الدين نفسه خطراً يهدد سلامة الدولة. وتفصيل هذا ان اليونانيين والرومانيين لم يفرّقوا بين الوطنية والدين. فالمواطن عندهم كان مواطناً بقدر اشتراكه في التعبد لاله المدينة. وباتساع أفق المدينة السياسي اتسع كذلك افق دينها. فلما تمَّ لرومة بسط سلطانها في حوض البحر المتوسط اعتبر رجالها إِلاهتهم رومة إلاهة الامبراطورية باسرها. وبهر اوغوسطوس رعايا رومة في الشرق بقوته وتدبيره وعظمته فرأوا في شخصه مخلصاً الهياً يمنع الحروب ويوطد السلم. وهو ما تنص به جملة نقوش في نواحي متعددة من آسية الصغرى ترقى الى القرن الاول قبل الميلاد. وفي السنة ٢٩ قبل الميلاد ذهب اليونان في آسية الصغرى الى ابعد من هذا فانشأوا هيكلًا خاصاً لعبادة رومة واوغوسطوس. ورأَى اوغوسطوس في هذا الامر خيراً له