صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/28

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.

الاولي. فان الرسل كانوا قد حصروا عملهم في أوساط اليهود متبعين في ذلك قول السيد: «الى طريق امم لا تمضوا، والى مدينة للسامريين لا تدخلوا، بل اذهبوا الى خراف بيت اسرائيل الضالة.1» ولكن العمل كان قد توطد فيما يظهر فبدأَ التبشير بين الامم. ورأَى بطرس وهو في يافه ان الله يأمره الا يقول عن انسانٍ ما انه دنس او نجس، فقبل دعوة كرنيليوس قائد المئة الايطالية وقال ان الله لا يقبل الوجوه بل في كل امة الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده.2 وانتقل الرسل بهذا من دور الى دور وبدأَوا يعملون بالآية: «واذهبوا الى العالم اجمع واكرزوا بالانجيل للخليقة كلها.3»

وفي السنة ٤١ بعد الميلاد تولى عرش اليهود في ظل رومة هيرودوس اغريبه حفيد هيرودوس الكبير. فاراد ان يستميل الشعب اليه، فتظاهر بالتدين وشرع يضطهد المسيحيين اضطهاداً منظماً. فقتل يعقوب اخا يوحنا بالسيف. وإذ رأى ان ذلك يرضي اليهود عاد فقبض على بطرس وزجه في السجن. وكان ما كان من أمر خروجه بأعجوبة4 - وتوجه الى انطاكية.

انطاكية : وكانت انطاكية آنئذٍ ثالثة مدن الامبراطورية الرومانية ومركز الحكم والسلطة في سورية ولبنان وفلسطين. وكانت الجالية اليهودية فيها كبيرة يربو عددها على خمسين الفاً. وكانوا يتكلمون اليونانية، ويعيشون عيشة اليونان، ويكسبون الرزق بالاتجار. فلما تشتت المسيحيون من جراء الضيق الذي حصل بسبب اسطفانوس اجتاز بعضهم الى الساحل

  1. متى ١٠: ٥.
  2. الاعمال ١٠: ٣٤-٣٥.
  3. مرقس ١٦: ١٥.
  4. الاعمال ١٢: ١–٢٤.
٢٧