ولكنهم لم يرضوا عن المفاوضات التي اجراها مع القبائل الالمانية عبر الرين في السنة ٢٣٥ واخذوا عليه انقيادَه لوالدته ففاوضوا مكسيميانوس مدرب الجيش وكانوا قد احبوه لشجاعته وكرمه. وقتلوا الامبراطور ووالدته ونادوا بمكسيميانوس امبراطوراً. فدخلت الامبراطورية الرومانية في ازمة سياسية مخيفة كادت تمزقها تمزيقاً وتهوي بها إلى الحضيض. وانكشف ضعفها وتبين ان اوغوسطوس قيصر ذاك المصلح الكبير لم يوفق الى طريقة قانونية لانتقاء الامبراطور تنتقل بموجبها سلطته من سلف الى خلف دون ما خلل يقطع الاستمرار. وتبين ايضاً ان الجيش بعد ان انفصل عن الشعب الروماني واصبح خليطاً من كل من هب ودب بقي يمارس سلطة هائلة في انتقاء الامبراطور بالاشتراك مع مجلس الشيوخ وان هذه السلطة اصبحت غاشمة بعد انحطاط الجيش كما سبق ان اشرنا.
أزمة القرن الثالث: وهبَّ مكسيميانوس (٢٣٥–٢٣٨ب.م)، وكان عملاقاً في جسمه يتابع الحرب فيما وراء الرين. ولكن الجنود في افريقية لم يرضوا عنه فاعلنوا غورديانوس الاول امبراطوراً في السنة ٢٣٧ وكان هذا قد ناهز الثمانين من العمر فأشرك ابنه غورديانوس الثاني في الحكم معه. وقاومهما والي موريتانية (الجزائر) فقُتل غورديانوس الثاني في ميدان القتال وانتحر والده العجوز. وثار جنود مكسيميانوس في وجهه فقتلوه في اثناء حصار اكريلية في ولاية البندقية. وتدخل مجلس الشيوخ فانتخب بوبيانوس وبلبينوس فغورديانوس الثالث حفيد الاول نزولاً عند رغبة الشعب، ولكن الحرس الامبراطوري قتل الاولين وابقى غورديانوس الثالث حفيد غورديانوس الاول وكان لا يزال في الثالثة عشرة من عمره (٢٣٨–٢٤٤) ثم خرّ صريعاً في السنة ٢٤٤ بيد قائد الحرس. وكان قد اضطر غورديانوس الثالث ان يشرك فيلوبوس العربي معه في الحكم في السنة ٢٤٣ نزولاً عند رغبة جنود الشرق فعقد هذا صلحاً مع الساسانيين