فعاد لاوون يدفع الإعانة المالية السنوية إلى القوط وهدأت الحال (٤٥٩). وجعل ملك القوط ابنه ثيودوريك رهينة في القسطنطينية، غير أن هؤلاء القوط الشرقيين ما عتموا أن استأنفوا الغزو في السنة ٤٦٧، متعاونين هذه المرة مع الهون، ثم أسرع الشقاقُ إلى صفوفهم، فأعلنوها فيما بينهم حربًا شعواء أَدَّتْ إلى إضعاف الطرفين.
زينون (٤٧٤–٤٩١)
وتُوُفي لاوون الأول في السنة ٤٧٤، فتولى العرش بعده حفيده لاوون الثاني ابن بنته أرياذنة، وكان لا يزال في السادسة من عمره، فأشرك الولد والده زينون الإسوري في الحكم، وتُوُفي بعد بضعة أَشْهُر، فعظم أمر الإسوريين في الدولة وتَسَنَّمُوا أعلى الوظائف وأكبرها، وما برحوا كذلك حتى انتهاء عهد زينون.
وفي إيطالية كانت السلطة كلها قد أصبحت محصورة بالقواد العسكريين البرابرة، فكانوا ينصبون الأباطرة ويعزلونهم حسب أهوائهم. ومِن غرائب الاتفاق أن آخر الأباطرة في الغرب دعي رومولوس أوغوسطولوس، وهكذا وافق اسمه اسم المؤسس الخرافي لرومة نفسها، وقد خلعه العسكر البرابرة في السنة ٤٧٦ ونصبوا مكانه أحدهم أدوواكر. ثم أبلغ القادة البرابرة زينون في القسطنطينية أنهم يعترفون بسيادته، فصدر أمرُهُ إلى أودوواكر أن يتولى زمام الحكم وأن يتمتع بلقب «نبيل».
ولكن أودوواكر استقل بالحكم ولم يكترث لسيده الشرعي في القسطنطينية، ورأى زينون أن ليس بوسعه أن يكرهه على الطاعة، وخاف مغبة أمره، فالتفت زينون شطر القوط الشرقيين في شمالي البلقان الغربي، وكان هؤلاء يستوجبون اهتمامه اهتمامًا كليًّا، فعمل زينون على توجيههم شطر إيطالية ووُفِّقَ إلى ما أراد، فكان أن زحف ثيودوريكوس ملك القوط الشرقيين إلى إيطالية قبيل وفاة زينون واستولى على رابينة، ثم بعد وفاة زينون (٤٩٣) خلع أودوواكر وجلس مكانه ملكًا على