مبعثرًا، يصعبُ الوصولُ إليه والاطلاعُ عليه، للفصل في الدعاوى، فاقترح تعيينَ لجنةٍ مِنْ كِبَار القُضاة والأساتذة والمحاميين؛ لجمع هذه القوانين وتبويبها، ووافق الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني فأمر بتعيين هذه اللجنة وتابعت اللجنةُ أعمالها ثماني سنوات متتالية، فأنتجت مجموعة ثيودوسيوس الشهيرة[1]، وظهرتْ هذه المجموعةُ في الشرق في السنة ٤٣٨، وفي الغرب في السنة التالية، وقسمت إلى ستة عشر كتابًا، بعضها في الإدارة المدنية، وبعضها في الشئون العسكرية، وبعضها في الدين، وبعضها في الحقوق. وقسم كل كتاب إلى عدد من الأبواب (العناوين[2])، وما صدر من الأبواب، بعد ظهور هذه المجموعة، أُشير إليه بالعبارة: «القوانين المستجدة[3]»، ومجموعة ثيودوسيوس تُعتبر من أَهَمِّ المراجع الأولية لتاريخ القرنين: الرابع والخامس[4].
الهون:وكان قد عظم شأن الهون واتسع سلطانهم، فدوَّخوا جنوبي روسية ورومانيا والمجر وغاليسية. وكانوا منذ السنة ٣٩٥ قد بدأوا يتحرشون بالإمبراطورية الشرقية. ففي هذه السنة عبروا القوقاس، وتدفقوا إلى سهول الجزيرة وسورية، فاسترضاهم ثيودوسيوس بأَنْ بذل لهم، في السنة ٤٣٠، عطاءً سنويًّا بلغ قدرُهُ ثلاثمائة وخمسين دينارًا ذهبيًّا، ثم تُوُفي روي مليكهم في السنة ٤٣٤، فخلفه في الحكم ابنا أخيه بليدة وأتيلا، وكان أتيلا كثيرَ المراغب، واسع الأطماع، فطلب إلى حكومة ثيودوسيوس مضاعفة المال السنوي، ومنحه رتبة قائد[5]، وغير ذلك من